[للذكر مثل حظ الأنثيين هل هذه الآية للإرث و العطية ام هي مقتصرة على الإرث فقط]
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[06 - 06 - 08, 05:32 ص]ـ
هل هذه الآية للإرث و العطية ام هي مقتصرة على الإرث فقط
ـ[زياد عوض]ــــــــ[06 - 06 - 08, 01:11 م]ـ
قال العلَامة ابن عثيمين في الشرح الممتع في باب الهبة والعطية:
فَصْلٌ
يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلاَدِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ، ......
قوله: «يجب»، الواجب هو الذي يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه.
قوله: «التعديل»، بمعنى أن يعاملهم بالعدل.
قوله: «في عطية أولاده»، يشمل الذكر والأنثى، والمراد بالعطية هنا الهبة، فهي أعم من العطية في مرض الموت.
ودليل الوجوب حديث النعمان بن بشير بن سعد ـ رضي الله عنهما ـ أن أباه نحله نِحلة، فقالت أم النعمان ـ رضي الله عنها ـ: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذهب بشير بن سعد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبره ليشهده على ذلك، فقال له: ألك بنون؟ قال: نعم، قال: أنحلتهم مثل هذا؟ قال: لا، قال: «لا أشهدُ، أَشْهِدْ على هذا غيري، فإني لا أشهد على جَوْر»، ثم قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أتحب أن يكونوا لك في البر سواءً؟»، قال: نعم [(32)]، فرجع بشير بن سعد في هبته لولده النعمان.
قوله: «بقدر إرثهم»، يعني أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين وهذا في العطية المحضة، فلو أعطاهم بالسوية لكان هذا جَوْراً، لأنه زاد الأنثى ونقص الذكر، أما ما كان لدفع الحاجة فإن يتقدر بقدرها.
وما ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ هو القول الراجح، أن الأولاد يعطون على حسب ما ذكر الله ـ عزّ وجل ـ في كتابه في إرثهم: {{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ}} [النساء: 11] ولا شك أنه لا أعدل من قسمة الله ـ عزّ وجل ـ، ومن قال: إن هناك فرقاً بين الحياة والممات، فإنه يحتاج إلى دليل على ذلك، فنقول: هم في الحياة وبعد الممات سواء.
وأفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ بقوله: «في عطية» أنه بالنسبة للنفقة لا يكون التعديل بينهم بقدر إرثهم، بل بقدر حاجتهم، فيجب التعديل في الإنفاق على ولده بقدر الحاجة، فإذا قدر أن الأنثى فقيرة، والذكر غني، فهنا ينفق على الأنثى ولا يعطي ما يقابل ذلك للذكر؛ لأن الإنفاق لدفع حاجة، فالتعديل بين الأولاد في النفقة أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج، فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس يحتاج إلى نفقة للمدرسة، من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك، والآخر هو أكبر منه لكنه لا يدرس، فإذا أعطى الأول لم يجب عليه أن يعطي الثاني مثله.
ولو احتاج الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال مثلاً، واحتاجت الأنثى إلى خرصان في الآذان قيمتها ألف ريال، فالعدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى الخرصان بألف ريال، وهي أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل.
ولو احتاج أحدهم إلى تزويج والآخر لا يحتاج، فالعدل أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار، فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا، أن يُزَوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام، ولا يجوز للورثة ـ أيضاً ـ أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه من التركة.
وهنا مسائل:
الأولى: هل يفضِّل بينهم باعتبار البِرِّ؟ يعني إذا كان أحدهما أبر من الآخر، فقال: سأعطي البار أكثر مما أعطي العاق؛ تشجيعاً للبار وحثاً للعاق؟ فهذا لا يجوز؛ لأن البر ثوابه أعظم من دراهم تعطيه إياها، فالبر ثوابه عند الله ـ عزّ وجل ـ، ولا تدري فلعل البار اليوم يكون عاقاً بالغد، والعاق اليوم يكون باراً بالغد، فلا يجوز أن تفضله من أجل برِّه.
الثانية: إذا كان أحد الأولاد يعمل معه في متجره أو مزرعته، فهل يجوز أن يعطيه زيادة على الآخر الذي لم ينتفع منه بشيء؟ فيه تفصيل: إن كان الذي يُعِين أباه يريد بذلك وجه الله فإنه لا يعطيه شيئاً؛ لأنه يدخل في البر، وإن كان يريد عوضاً على ذلك، أو أن أباه فرض له العوض قبل أن يعمل فلا بأس، ولكن يُعطى مثل أجرته لو كان أجنبياً.
¥