تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي يوم الجمعة 21 ذي الحجة (10 فبراير سنة 1939 م) نشرت جريدة البلاغ عن مراسلها في بومباي بالهند في أول فبراير سنة 1939 م: أن المسلمين في بومباي احتفلوا بعيد الأضحى بهذا العام يوم الأربعاء خلافاً لما أعلن في الممالك الإسلامية الأخرى.ومعنى هذا أنه لم يثبت لدى مسلمي الهند أن أول الشهر السبت ولا الأحد فاعتبروا أوله يوم الإثنين. وهكذا في أكثر أشهر المواسم، يتراءى الناس الهلال في البلاد الإسلامية، فيُرى في بلدٍ ولا يُرى في بلد أخر، ثم تختلف مواسم العبادات في بلاد المسلمين، فبلد صائم وبلد مفطر، وبلد مضحّ ٍ وبلد يصوم أهله يوم عرفة. " اهـ.

4 – وأما ما ذكر عن النخعي رحمه الله فلا يدل صراحةً على أن النهي عن صيام يوم عرفة هو بسبب الاختلاف مع الناس في عرفة، بل الظاهر أن المقصود منه فيما إذا غم هلال ذي الحجة على الناس أو شهد برؤيته من لا تقبل شهادته فأكملوا شهر ذي القعدة، فحينها يكون يوم التاسع مشكوك في كونه يوم عرفة أو يوم النحر، ولهذا كرهه من كرهه ممن كان يقصدهم إبراهيم النخعي رحمه الله.

وهذا الظاهر من كلام الإمام النخعي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال في " مجموع الفتاوى " (25/ 203، 204): " .. فلو غم هلال ذي الحجة أو شهد برؤيته من لا تقبل شهادته، إما لانفراده بالرؤية أو لكونه ممن لا يجوز قبوله ونحو ذلك، واستمر الحال على إكمال ذي القعدة فصوم يوم التاسع الذي هو يوم عرفة من هذا الشهر المشكوك فيه جائز بلا نزاع، قلت ولكن روى ابن أبي شيبة في كتابه عن النخعي في صوم يوم عرفة في الحضر إذا كان فيه اختلاف فلا يصومن، وعنه قال كانوا لا يرون بصوم يوم عرفة بأسا إلا أن يتخوفوا أن يكون يوم الذبح. وروي عن مسروق وغيره من التابعين مثل ذلك وكلام هؤلاء قد يقال: إنه محمول على كراهة التنزيه دون التحريم، والله أعلم " اهـ.

وقد تكون هذه الكراهة في كلامهم من باب الاحتياط، ولكن الذي يظهر أنه لا مسوغ لها إذا لم تثبت الرؤية الشرعية لهلال ذي الحجة عند الحاكم أو من ينوب عنه.

ولهذا فإن عائشة رضي الله عنها لما أنكر عليها مسروق والرجل الذي معه صيامها يوم عرفة، وقالا لها: أتصومين يا أم المؤمنين! ولا تدرين لعله يوم يوم النحر، قالت: إنما النحر إذا نحر الإمام، وعظم الناس، والفطر إذا أفطر الإمام وعظم الناس ".

ولعل نظير هذه المسألة القول بمشروعية صيام يوم الشك بنية الرمضانية احتياطاً إذا غم هلال رمضان بغيم أو قتر أو نحوهما، وهذا قول لبعض أهل العلم منهم الإمام أحمد في رواية عنه واختارها الخرقي والقاضي أبي يعلى الفراء، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يصومه كما روى عنه ذلك أبو داود (2320) وغيره، وصححه الشيخ الألباني: (كان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين نظر له فإن رئي فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قترة أصبح مفطراً، فإن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائماً)، ولكن فعل ابن عمر هذا ومن وافقه عليه هو خلاف ما عليه جمهور الأمة من أنه لا يصام رمضان إلا بيقين خروج شعبان بإكماله ثلاثين أو برؤية الهلال. (انظر: " الإستذكار " لابن عبد البر (10/ 15))، مع العلم أنه ورد أيضاً عن ابن عمر رواية ثانية يوافق ما عليه جمهور العلماء، وهي قوله: (لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه)، رواه ابن أبي شيبة (2/ 485)، قال الخطيب: " وهذا هو الأشبه بابن عمر لأنه لا يجوز الظن به أنه خالف النبي صلى الله عليه وسلم وترك قوله الذي رواه هو وغيره من العمل بالرؤية أو إكمال العدة ". (انظر هذه المسألة وتفصيلها في " المجموع " للنووي (7/ 678)).

ومسألة صوم يوم التاسع الذي هو يوم عرفة من هذا الشهر المشكوك فيه ذكر شيخ الإسلام أنه لا نزاع بين العلماء في جوازه، اللهم إلا في مسألة من رأى الهلال وحده فشهد عند الحاكم وردت شهادته هل يصوم ويقف مع الجماعة أم يقف ويصوم وحده؟ وسيأتي ذكر هذه المسألة والتفصيل فيها في موضعها إن شاء الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير