تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- وأيضاً: قد ذكر عن غير واحد من السلف كابن عباس وعمرو بن حريث من الصحابة والحسن البصري وغيرهم التعريف بيوم عرفة، وأجازه بعض العلماء، والتعريف: هو الاجتماع المعروف في البلدان بعد العصر يوم عرفة.

يجاب على هذا الاعتراض:

أولاً: قولهم أن عرفة علم للمكان لا الزمان وهو وقوف الناس بعرفة قد تم الرد عليه في أول مناقشة قولهم فلينظر هناك.

ثانياً: ما ذكر عن ابن العربي في " أن سائر أهل الآفاق تبع للحاج فيها " استدلال في غير محله، وإيراد ليس له وجه، ولعل من ذكر هذا القول قد التبس عليه الأمر أو أنه لم يفهم مراد ابن العربي في ذلك، لأنه بعد الرجوع لنص كلام ابن العربي كاملاً في كتابه " أحكام القرآن " يتبين أنه كان لا يتكلم عن مسألتنا هذه وهي أن سائر الأقطار تبع للحجيج في وقوفهم، وإنما كان يتكلم عن مسألة أخرى وهي: وقت التكبير بالنسبة للحاج، ومن ثم بعد التحقيق قال: " وأن سائر أهل الآفاق تبع للحاج فيها "، أي: أن سائر أهل الآفاق مثلهم مثل الحاج في وقت ابتداء التكبير وهو أنه يبدأ وقت التكبير عندهم عقيب صلاة الظهر من يوم النحر ويختتم بعد الصبح من آخر أيام التشريق، وهذا أحد الأقوال في هذه المسألة، قال البغوي في " تفسيره ": " يروى ذلك عن ابن عباس وبه قال مالك والشافعي، قال الشافعي: لأن الناس فيه تبع للحاج .. ".

وقد رد ابن قدامة هذا القول في " المغني " (3/ 289) حيث قال: " .. وأما المحرمون فإنهم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لما ذكروه، لأنهم كانوا مشغولين قبل ذلك بالتلبية، وغيرهم يبتدئ من يوم عرفة؛ لعدم المانع في حقهم مع وجود المقتضي، وقولهم: إن الناس تبع لهم في هذا دعوى مجردة، لا دليل عليها، فلا تسمع ".

وهذا النقل عن ابن العربي إن دل فإنه يدل على أن الناقل من أصحاب هذا القول لما لم يجد ما يسند قوله من نصوص من قبلهم في هذه المسألة جاء بهذا النص المبتور من كلام ابن العربي، ثم لي عنق هذا النص ليتوافق وقولهم.

ثالثاً: ما ذكروا من الاستدلال بمسألة التعريف بيوم عرفة، فقبل مناقشة هذا الاستدلال ينبغي أن يستدل المستدل بما يرى مشروعيته لا ما يرى بدعيته! فهل يرى المستدل مشروعية هذه المسألة أو على الأقل جوازها أم لا؟

إن كانت الإجابة بالنفي فليس له في هذه المسألة حجة، وإن كانت الإجابة بالإثبات، فهنا يجاب على هذه المسألة بأن حكمها كحكم سابقاتها، أي: أنه ليس فيها دلالة قوية على مسألتنا، لأنها تحتمل القولين، فقد يكون التعريف في يوم التاسع من ذي الحجة سواء وافق وقفة الحجيج أم لم يوافق.

واستدلالهم هذا وإن كان له وجه يحتمل مسألتنا، ولكن احتمال هذا الوجه كما قلنا إن صح مشروعية التعريف، وإلا فالأصل في مسألة التعريف أن فيها خلاف بين السلف، وقد فعله بعضهم كابن عباس، وعمرو بن حريث من الصحابة، وأجازه أحمد ولم يستحبه على المشهور عنه، وكرهه أبي حنيفة ومالك وغيرهما، وذكر بعضهم أنه محدث كالحكم وحماد والنخعي، وذكروا أن التعريف إنما هو بمكة، قال النخعي: " إنما التعريف بمكة "، وبمثل قوله قال ابن الحنفية وغيره، وقد عد الشيخ الألباني في كتابه " مناسك الحج والعمرة" (ص 52) هذا التعريف من بدع يوم عرفة. ((انظر: " السنن الكبرى " للبيهقي (5/ 117، 118)، و" اقتضاء الصراط المستقيم " لابن تيمية (ص 149))).

قال الإمام النووي في " المجموع " (8/ 111): " (فرع): في التعريف بغير عرفات وهو الاجتماع المعروف في البلدان بعد العصر يوم عرفة، وفيه خلاف للسلف رويناه في سنن البيهقي عن أبي عوانة قال: (رأيت الحسن البصري يوم عرفة بعد العصر جلس فدعا وذكر الله عز وجل فاجتمع الناس)، وفى رواية: (رأيت الحسن خرج يوم عرفة من المعصورة بعد العصر فعرف)، وعن شعبة قال (سألت الحكم وحماداً عن اجتماع الناس يوم عرفة في المساجد؟ فقالا: هو محدث)، وعن منصور عن إبراهيم النخعي: هو محدث، وعن قتادة عن الحسن قال: أول من صنع ذلك ابن عباس، هذا ما ذكره البيهقي، وقال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عنه فقال: أرجوا أنه لا بأس به قد فعله غير واحد الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة، وكرهه جماعات منهم نافع مولى ابن عمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير