تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول هذا وهو مفكر، يقول هذا وعقله أكبر العقول ـ زعموا ـ.

ومن له أدنى دراية بالدين يعلم أن الرجل يجلس بيننا بجسده وعقله مستعار، مَن يقرأ للعقاد ـ وخاصة كتاب (الله) وسلسلة (العبقريات) ـ يعلم أن الرجل لا علاقة له بثقافتنا البتة وإنما شرب من حياضهم.

العقاد مستعار .. منفوخ يُستعمل .. نُحْمَلُ على تبجيله وتعظيمه رغماً عن أنوفنا.

مَن له أدنى دراية بالدين يعلم أن الأصل في البشرية التوحيد، وأن آدم ـ عليه السلام ـ كان نبياً مكلماً (6). وأن آدم ـ عليه السلام ـ كان على التوحيد وظلَّ عليه أبناؤه ألف عام، فلم يظهر الشرك إلا في عهد نوح عليه السلام (7)، وإنما العقاد ينقل عن الآخر (8)، جلس إليهم فتأثر بهم، ومن ثم ردد كلامهم.

والعقاد لا يصلي على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين التحدث عنه إلا قليلاً ويقول (عليه السلام) (9)، ينظر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أنه عبقري من العباقرة، ويعرض سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضمن الحديث عن (العباقرة)، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبقري من العباقرة بيد أنه أفضلهم، هذا ما نفهمه من تسمية العقاد للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعبقري، وما نفهمه من سرده لسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سياق العباقرة.

كان العقاد يعتنق فكرَ بعضِ المستشرقين القائم على أولية الفرد وأحقيته في صناعة التاريخ، يقول أن التاريخ يصنعه أفراد، كان لا يؤمن بالجانب الجماعي، وكان يشكك في دور العقائد والتربية في توجيه الأشخاص، فالعظيم عظيم بفطرته، والعبقري عبقري منذ نشأته، والعوامل الوراثية والتكوين الجسماني والعصبي، في المرتبة الأولى ـ عند العقاد ـ في توجيه الشخصية. ولذا تراه قد هاجم الفاشية في كتابه (هتلر في الميزان)، والشيوعية في كتابه (الشيوعية والإنسانية) و (أفيون الشعوب)، وهاجم جماعية الإسلام في (العبقريات).

ولذا لم نرَ أثراً في كتابات العقاد للإسلام في بناء شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولا في تحليل سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقارن بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيره (نابليون مثلا) في النواحي المادية والعسكرية. وجعل إيمان الصحابة بسبب انبهارهم بشخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وهذا الكلام من عند غيرنا، لا نعرفه، ولا يقر به عاقل. وقد قمت بتتبع شخصية خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ لأبين أثر العقيدة في بناء الشخصية (10)، وهو ما لا يقر به العقاد، بل يتنكر له رغم أنه كشمس الضحى في يوم صائف في بيدٍ جرداء.

قلتُ: ولذا اهتم الغرب بترجمة كتابين للعقاد هما كتاب (الله) و (العبقريات) ونشروهم، لماذا؟

لأن العقاد في هاذين الكتابين ينطق بقولهم، وقد رأيتُ ناهد متولي ـ وهي مجرمة جهدها في الصدِّ عن دين ربها ـ في إحدى حلقات برنامج أسئلة عن الإيمان تثني على العقاد وكتاب العقاد (الله) جل جلاله، ووجدت الكذاب اللئيم زكريا بطرس في ذات الحلقة وفي غيرها يستدعي العقاد شاهداً على (صحة) عقيدة النصارى!!

لهذا أخذ العقاد كل هذا الحجم في حسِّ الصاعدين دون أن يعلموا لماذا؟

نفخوا فيه لأنه يتكلم بكلامهم .. لأنه مربوطٌ بآخيتهم ويرعى من خضرائهم ثم يأتينا بليلٍ .. يكدر صفو مائنا .. يذهب بطهارة ونقاوة فكرنا .. ونحن نهلل فرحين مسرورين!!

ولا زال (النفخ) مستمراً، تجد قزماً قد رفعوه، وعظيماً قد تجمعوا عليه ليقبروه، فاليوم يُصدَّرُ لنا أشباه الرجال ليأخذوا بأيدينا (على خطى الحبيب)، وهم في حقيقة أمرهم أبعد الناس من هدي الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتجد الذي يجيء ويروح هو من يحمل أفكار القوم ـ أو القوم ـ على ظهره، ويحاول أن يوطنهم في حصوننا العقدية وثوابتنا الفكرية. ولكننا صحونا، ولم يعد يجدي النفخ. هاج البحر، وعلى الأطفال أن تلعب بعيداً أو هو الغرق وإن استعملوا ما نفخوه!!

أبو جلال/ محمد جلال القصاص

[email protected] ([email protected])

=======================================

(1) القرية هي قرية سجين الكوم بمحافظة الغربية في مصر. ويقال للنهر الصغير في عرف أهل مصر بحر، ولذا تجد في التاريخ (المماليك البحرية) نسبة لنهر النيل إذْ كانوا يسمونه بحر النيل، وكانت قلعتهم في جزيرة تطل عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير