لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لأَطَعتَهُ إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ.
- ثم ما هي علامات المحبة الصادقة بمولده وبعثته, حتى نميّز بين المحبّ الصادق, وبين المدّعي الكاذب, والجواب: أنّ لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم علامات هاك بعضها:
ا- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه، في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
ب- إيثار ما شرعه عليه الصلاة والسلام، وحض عليه، على هوى نفسه، وموافقة شهواته، قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
ج- كثرة الذكر له صلى الله عليه وسلم فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
د- بُغض من أبغض الله ورسوله ومعاداة من عاداه، ومجانبة من خالف سنته، وابتدع في دينه، واستثقاله كل أمر يخالف شريعته، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
وإذا استعرضنا هذه العلامات، وجدنا أن الذين ابتدعوا الاحتفال بالمولد النبوي، لم تظهر عليهم أي علامة من هذه العلامات، ولم يتَّصفوا بإحداها، بل كانوا يتصفون بضدها.
أ- فلم يقتدوا به صلى الله عليه وسلم في القول والفعل، ولم يمتثلوا أمره بلزوم السنة، ونهيه عن الإحداث في الدين، بل اطرحوا سنته جانباً، وقدموا ما تهوى أنفسهم وما يشتهونه على ما أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم.
ب- واشتغلوا بالمعاصي والملذات عن ذكره صلى الله عليه وسلم.
ج- أنهم لم يذكروا النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ قليلاً, ثم هجروا ذكره سائر العام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -عند حديثه عن بدعة المولد-: "وأكثر هؤلاء، الذين تجدهم حراصاً على أمثال هذه البدع، مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد، الذي يُرجى لهم بهما المثوبة، تجدهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه" [اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 295].
3 - أما ادعاؤه أنّ السلفيين لا يجيزون تخصيص الفرح القلبي بليلة مولده صلى الله عليه وسلم.
فهذا عين الجهل بمذهب السلف وبفهم السلف رحمهم الله وأتباعهم إلى يوم الدين.
إذ لم يقل أحدٌ من السلف أنّ الفرح بليلة المولد غير جائزة, وإنما جلّ كلامهم عن الاحتفال بهذه الليلة وباتخاذ هذه الليلة عيداً.
ولو أنّ المسلم كلما فرح بأمر اتخذه عيداً, لصار للعبد آلاف الأعياد.
- ثمّ أي ليلة نفرح بها, هل هي معيّنة ثابتة, أم أنها مبهمة مختلف فيها.
الجواب: نحن نفرح بعموم مولده, وإن كنّا نجهل عين هذه الليلة المباركة.
إذ لم يثبت بأي وجه صحيح, وسند معتبر أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم 12 من ربيع الأول بل وقع في هذا اختلاف كثير بين العلماء, فقيل: 2 ربيع الأول, وقيل: 8 ربيع الأول, وقيل: 10 ربيع الأول, وقيل 12 ربيع الأوّل.
ولكن الثابت قطعاً أنه صلى الله عليه وسلم مات يوم 12 ربيع الأول.
فلا ندري أنفرح بميلاده أم نحزن لموته؟!!.
رابعاً: تناقضات الدعيِّ الجهول.
فهو يقرّ -بعد أن جلب بخيل شبهه الواهية وأدبر-, أنّ: "الفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم واجب, أما طريقة إظهار هذا الفرح والتعبير عنه، فهنا تدخل السنّة والبدعة".
وهذا عين كلام السلفيين لو عقل, ولكن أنى له ذلك.
فنحن ننكر على من جعل من هذا الفرح مصوِّغاً لاتخاذه عيداً, لأنّ العيد هو اسم لكل ما يعود من الاجتماع، فلا يصحّ تخصيص يوم للاجتماع للحزن، أو للذكر، أو للفرح والسرور، إلا بدليل شرعي ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو إجماع الصحابة، ولا يتوفر ذلك الدليل إلا ليومي: الفطر والأضحى من كل عام، وليوم الجمعة من كل أسبوع.
¥