تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعن أنس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية وإن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر"] رواه أبو داود وصححه الألباني [.

خامساً: استدلاله على جواز الاحتفال بالمولد بوجود الأعمال المشروعة فيه من صلاة ومدارسة للسيرة وغيرها. بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سن سنة حسنة فله أجرها ... ومن سنَّ سنة سيئة ... "] رواه مسلم [.

الجواب على هذه الشبهة:

أ- أنّ المراد من الحديث ليس تحسين الإحداث في الدين, وإنما المقصود الثناء على من بادر إلى فعل مشروع, فكان سباقاً إليه, فهو محمود في سبقه.

يدل على ذلك ما جاء في سبب ورود الحديث السابق, وهو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حثّ أصحابه على الصدقة, فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفه تعجز عنها, ثم تتابع الناس على الصدقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة", فالصدقة مشروعة في أصلها, والمقصود بالسنة هنا هي: المبادرة والسبق إلى الفعل المشروع.

ب- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل بدعة ضلالة" ولم يستثن من ذلك شيء, فدلّ على أنّ البدع كلها مذمومة.

ج- أنّ وجود الأعمال المشروعة من تلاوة القرآن والذكر ومطالعة السيرة لا تحسن هذه البدعة, لأنّ هذه الأمور وإن كانت مشروعة, إلا أنّ تخصيص يوم أو مكان لها مما لم يخصصه الشرع يدخل في الابتداع.

بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي, ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام"] رواه مسلم [.

فالصيام والقيام مشروعان في الأصل ولكن صار هذا الفعل مذموماً لتخصيصها بيوم لم يخصه الشرع بذلك.

سادساً: قياس عجيب, وفهم سقيم.

يعيب هذا الدعيِّ على السلفيين استدلالهم لتحريم الاحتفال بالمولد بترك السلف رحمهم الله لهذا الاحتفال.

ولم يكتف بهذا الإنكار, بل أتى بداهية دهياء, وطامة صماء, حين قال: "نقول له ولكن السلف أيضاً لم يحرموه فيبقى على أصل جوازه حتى تدخل عليه الأحكام، ثم لا يشترط لأي عمل كي يكون مشروعا أن يعمله السلف، بل يكفي فيه أن يندرج تحت أصل شرعي".

ولي وقفة موجزة مع هذا الفهم الأعوج:

- كيف ينكر السلف من أصحاب القرون الثلاثة المفضّلة -أيها الجهول- شيئاً لم يشهدوه ولم يعايشوه, وإنما أتى بعدهم؟؟!!.

أو ما علمت أنّ بدعة الاحتفال بالمولد أحدثها سلفك من العبيديين القرامطة المجوس, في منتصف القرن الرابع للهجرة.

- أما قوله: "فيبقى على أصل جوزاه حتى تدخل عليه الأحكام".

كيف حكمت على أنّ أصل هذا العمل الجواز؟ أما علمت أنّ الاحتفال بالمولد - وهو عبادة- الأصل فيه المنع حتى يأتي الدليل على جوازه.

- أما قوله: "ثم لا يشترط لأي عمل كي يكون مشروعاً أن يعمله السلف، بل يكفي فيه أن يندرج تحت أصل شرعي".

الجواب:

نحن لا نقول أنّ عمل السلف حجة على مشروعية الشيء على إطلاقه.

وإنما نقول: أنّ السلف الصالح إذا تركوا فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائمًا ثابتًا، والمانع منها منتفيًا؛ دلّ ذلك على أنّ فعلها بدعة] انظر: مجموع الفتاوى (6/ 172) [

فمقتضى الذين ابتدعوا بدعة الاحتفال بالمولد هو محبة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح بمولده, وهذا المقتضى كان موجوداً زمن السلف -فهم أشد الناس حباً للنبي وأشدهم فرحاً لمولده-.

ولم يكن في زمن السلف مانع للاحتفال بالمولد النبوي, رغم ذلك لم يحتفلوا به, فدلّ ذلك على أنّ الاحتفال بالمولد بدعة.

- أما استدلاله بجواز رمي الجمرات من الجسر, وإن لم يفعله السلف.

الجواب:

أنّ قياس جواز بدعة المولد على جواز الرمي من الجسر قياس مع الفارق.

لأنّ أصل الرمي مشروع, هذا من جهة.

ومن جهة ثانية, أنّ الجسر ملحق بالأصل, لأنّ من ملك أرضاً ملك سماءها, فالسماء تلحق بالأرض, كالشأن في الإحرام في الطائرة عند مسامتة الميقات جواً.

ومن جهة أخرى الرامي فوق الجسر محقق للمقصود شرعاً, وهو دخول الحصى في الحوض.

وأما ترك السلف رحمهم الله لها, لأنّه لم يكن ثمة موجب لها في زمنهم, ونحن قلنا أنّ السلف الصالح إذا تركوا فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائمًا ثابتًا، والمانع منها منتفيًا؛ دلّ ذلك على أنّ فعلها بدعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير