ـ[أم ديالى]ــــــــ[06 - 02 - 10, 07:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
انتشر في المنتديات توجيه نية الاعمال الصالحة لاغراض دنيوية .. مثل:
تصدق ليشفيك الله، ويبارك في مالك
صل رحمك ليزاد في عمرك
استغفر لترزق بالذرية
..
.. الخ من الاعمال الصالحة والنيات المختلفة ..
فما حكم ذلك؟
اليكم كلام اهل العلم في المسألة:
في (فتح القدير) للشوكاني رحمه الله
قال: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} المعنى: أن من كان يريد بعمله حظّ الدنيا يكافأ بذلك، والمراد بزينتها: ما يزينها ويحسنها من الصحة والأمن، والسعة في الرزق، وارتفاع الحظّ، ونفاذ القول، ونحو ذلك. وإدخال {كان} في الآية يفيد أنهم مستمرّون على إرادة الدنيا بأعمالهم، لا يكادون يريدون الآخرة، ولهذا قيل: إنهم مع إعطائهم حظوظ الدنيا يعذّبون في الآخرة، لأنهم جرّدوا قصدهم إلى الدنيا، ولم يعملوا للآخرة. وظاهر قوله: {نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} أن من أراد بعمله الدنيا حصل له الجزاء الدنيوي ولا محالة، ولكن الواقع في الخارج يخالف ذلك، فليس كل متمنّ ينال من الدنيا أمنيته، وإن عمل لها وأرادها، فلا بد من تقييد ذلك بمشيئة الله سبحانه.
وفي كتاب (فتح المجيد) شرح كتاب التوحيد
يقول المؤلف في باب (من الشرك إرادة العبد بعمله الدنيا)
وقد سئل شيخنا المصنف رحمه الله عن هذه الأية؟ فأجاب بما حاصله:
ذكر عن السلف فيها أنواعا مما يفعله الناس اليوم , ولا يعرفون معناه
فمن ذلك: العمل الصالح الذي يفعله الناس ابتغاء وجه الله: من صدقة وصلاة وصلة وإحسان إلى الناس وترك الظلم ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالص لله , لكنه لايريد ثوابه في الأخرة ,إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته أو حفظ أهله وعياله ,أو إدامة النعمة عليهم ولاهمة له في طلب الجنة والهرب من النار , فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا وليس له في الأخرة من نصيب وهذا النوع ذكره ابن عباس انتهى كلامه
فالصور لا تخلو من أحد ثلاث أحوال:
الأولى: إمّا أن يريد الإنسان بعمله الدنيا مطلقاً وهو الغالب على حاله. فهذا شرك أكبر.
الثانية: أو أن ير يد العبد بعمله وجه الله تعالى وتحصيل منفعة دنيوية، فهذا لا يخلو من أحد حالين:
أ / أن يجعل الإخلاص مطية ووسيلة - لحصول ا لمنفعة - لا غاية و قصداً.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: حكي أن أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يوماً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه، قال: فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجر شئ، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي: إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله!
قال شيخ الإسلام: وذلك لأن الإنسان قد يكون مقصوده نيل العلم والحكمة أو نيل المكاشفات والتأثيرات أو نيل تعظيم الناس له ومدحهم إياه أو غير ذلك من المطالب قد عرف أن ذلك يحصل بالإخلاص لله وإرادة وجهه، فإذا قصد أن يطلب ذلك بالإخلاص وإرادة وجهه كان متناقضاً؛ لأن من أراد شيئاً لغيره فالثاني هو المراد المقصود بذاته، والأول يراد لكونه وسيلة إليه، فإذا قصد أن يخلص لله ليصير عالماً أو عارفاً أو ذا حكمة أو صاحب مكاشفات وتصرفات ونحو ذلك فهو هنا لم يرد الله بل جعل الله وسيلة إلى ذلك المطلوب الأدنى .. أ , هـ فهذا ينافي كمال الإخلاص. وهو من الشرك الأصغر.
ب / أن يجعل الإخلاص غاية وقصداً، لكن يحصل له بذلك منفعة دنيوية، فهذا لا يخلو من حالين:
1 - أن تكون هذه المنفعة مما جعلت في العبادة أصلاً (كالغنيمة في الجهاد) فهذا لا يخلو من حالين أيضاً:
- أن لا يخالط العامل قصد لتحصيل هذه المنفعة، فهذا في أعلى الدرجات.
- أن يخالط العامل قصد لتحصيل هذه المنفعة، فهذا لا يحرم عليه بالإجماع على ما نقله القرافي، لكنه بهذه المخالطة قد ينقص أجره.
2 - أن تكون هذه المنفعة جُعْلاً يجعل للعامل فحكم هذا خاضع لأحوال العامل من جهة مقصده على ما بُيّن سابقاً.
وللإمام عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تفصيل مهم في ذلك حيث قال:
¥