تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((ولأئمة المسلمين وعامتهم)) وهؤلاء بحاجة إلى النصح, بمعناه العرفي، ((ولأئمة المسلمين))، أئمة المسلمين طائفتان من الناس كما يقرر ذلك أهل العلم، هم ولاة الأمور, ممن ولاهم الله - جل وعلا - أمور المسلمين، هؤلاء هم الأئمة, وأئمة المسلمين هم علماؤهم، علماء الأمة المجتهدون, المخلصون الناصحون لله ولرسوله، كلا الطائفتين داخلتان في أئمة المسلمين, فكيف ينصح أئمة المسلمين سواء قلنا: هم العلماء, أو الحكام؟ ينصحون، بالنسبة للحكام لا شك أنهم بشر، يعتريهم ما يعتري البشر، وقد يزيدون على البشر باعتبار أن الله - جل وعلا - مكنهم، مكنهم من دماء الناس, وأموالهم, وأعراضهم؛ لأن بأيديهم القوة, والسلطة, فهذه الأعمال مظنة لوقوع ما يُمنع شرعاً، فالنصيحة لهم تكون ببيان الحق لهم، وتنبيههم على ما يقعون فيه من مخالفات، ويجب أن يكون هذا بأسلوب يحقق المصلحة ولا يترتب عليه مفسدة؛ لأن المنكر لا يجوز أن يزال بمنكر، المنكر لا يجوز إزالته بمنكر، وقالوا: أيضاً من النصح لولي الأمر جمع الكلمة عليه، وعدم تفريق الناس عنه، ونشر محاسنه لتجتمع عليه الكلمة, والكف عن ذكر مساوئه لئلا تنفر القلوب عنه، مع بيان أن هذا العمل من غير تنصيص على أن يكون من فلان أوعلان، أن هذا العمل محرم؛ لأن البيان لا بد منه وقد أخذ العهد والميثاق على أهل العلم أن يبينوا؛ لأنه إذا ارتكب محرم ولم يبين عامة الناس يظنونه مباح، لكن لا يلزم أن يقال: أن الأمير فلان، أو الوزير فلان, أو فلان أوعلان ارتكب كذا, أو فعل كذا؛ بل الأسلوب الشرعي: "ما بال أقوام يفعلون كذا" , البيان لا بد منه, بما يحقق المصلحة، وولي الأمر ينصح، وكذالك عامة الناس الأصل في النصيحة أن تكون سراً؛ لأنها أقرب إلى الإخلاص وأدعى إلى القبول؛ لأن الإنسان إذا نصح علناً ولو كان من آحاد الناس الاحتمال الأقوى أنه يصر ويعاند, ويستكبر, لكن إذا نصح سر بالأسلوب المناسب فإنه في الغالب يقبل، وولي الأمر من أولى الناس بذلك، لكن لا يعني: أنها تمر الأمور المحرمة وتمشي على عامة الناس من غير بيان لحكمها، يبين أن هذا الأمر محرم، لكن قد يقول قائل: أنه قد لا يمكن البيان في بعض الأمور إلا بمعرفة أصحابها، يعني: بعض الأمور يستقل بها شخص من الناس، يصرح بتصريح أو يأمر بأمر فيه معصية، وتتناقله الوسائل ويعرف الناس كلهم أن هذا صدر من فلان، فإذا بين على المنبر عرف الناس أن المقصود فلان، مثل هذا لا شك أنه يبادر بالنصيحة سراً ليرجع عنه ويبين هو بنفسه للناس، لكن لا يمنع أنه إذا مرت هذه المسألة وجاء لها مناسبة بين حكم الله فيها، لتقوم الحجة على من أراد أن يفعل مثل هذا الفعل، ولعل من فعله أن يرتدع من غير تسمية له, ومن غير إجلاب عليه, وإثارة لعموم الناس.

*يقول: وهل المحدث كما قيل في كتب المصطلح من كتب عشرين ألف حديث إملاءً, وهل الشيخ الألباني يصح أن يطلق عليه؟

في عصر الأئمة قد يقال: إن من يكتب عشرين ألف حديث في تسميته محدث نظر؛ لأنه يوجد من يحفظ خمسمائة ألف حديث، سبعمائة ألف حديث، مائة ألف حديث فهذا عشرين ألف حديث طويلب بالنسبة لعصرهم, لكن ماذا عن عصرنا الذي يحفظ الأربعين يقال له إمام، - والله المستعان-، المسائل نسبية كل عصر له أهله، ولكل زمان دولة ورجال، يعني: الذي يحفظ مثلاً ألف حديث بأسانيدها يمكن أن يقال: له محدث الآن، وإذا لم يصح تسمية الشيخ الألباني - رحمه الله - وهو الإمام المجدد في هذا الباب إذا لم يصح أن يقال له: محدث، فلا أعرف أحد يستحق هذا الوصف إلا أن يكون الشيخ ابن باز- رحمة الله عليه - الذي يجمع بين الرواية والدراية فالشيخ الألباني – رحمه الله - رأس من رؤوس الحديث في هذا العصر.

*العاصي جاهل، شاء أم أبى, ولذا فالمقرر أنما يحمله الفساق ليس بعلم؛ لأن العلم ما نفع، والعلم الذي لا ينفع صاحبه هذا لا يستحق أن يسمى علماً. وفي الحديث: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)) , والمراد به: حث العدول على حمل العلم, وعدم ترك المجال للفساق بحمله, بدليل الرواية الأخرى: ((ليحمل)) بلام الأمر ((هذا العلم من كل خلف عدوله)) وإن رأى ابن عبد البر أن كل من يحمل العلم يحكم له بالعدالة، لكن هو قول مردود عليه ضعيف، قلت:

ولابن عبد البر كل من عني ... بحمله العلم ولم يوهن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير