تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخامسة: الصدق، فلا تصحب كذّابا، فإنك منه على غرور، فإنه مثل السراب يقرب منك البعيد، ويبعّد منك القريب. اهـ.

وقال بعضهم:

المختارون من الأصدقاء: أهل العلم والدين والحكمة والعقل ليفيدوه، ويقوّوا قوة تمييزه وعلمه، وأهل شرف يُستعان بجاههم في الملمات، وأهل ثروة يُستعان بهم في لمّ الشعث، وأهل محادثة طيبة في خلواته يفزع إليهم عند كربه والضجر من أعماله.

وأما أصدقاء الظاهر، فينبغي مجاملتهم والإحسان إليهم، وكتمان الأسرار عنهم، وإخفاء الأحوال الخاصة عنهم، وترك تحديثهم بنعمه.

وقال آخر:

معاشرة الأصدقاء لا تتم إلا بالمؤانسة والمداخلة، ولابد في ذلك من المزاح المُسْتعذَب، والأحاديث المستطابة، والفُكاهة المحبوبة، التي تطلقها الشريعة ويقدرها العقل، حتى لا يتجاوزها إلى الإسراف فيها، ولا يقصّر عنها تهاونا بها، فإنها إذا خرجت إلى جانب الزيادة سميت مجونا وفسقا وخلاعة، وما أشبهها من أسماء الذم، وإلى جانب النقصان سميت تزمتا وعبوسا وشكاسة، وما أشبهها من أسماء الذم أيضا؛ والمتوسط بينهما هو الظريف الذي يوصف بالهشاشة والطلاقة، وحسن العشرة.

ويعرض من الصعوبة في وجود هذا الوسط ما يعرض في سائر الفضائل الخلقية.

وقال حكيم:

متى حصل لك صديق يلزمك أن تكثر مراعاته، وتبالغ في تفقده، ولا تستهينن باليسير من حقه، عند مهم يعرِض له، أو حادث يحدث له.

فأما في أوقات الرخاء فينبغي أن تلقاه بالوجه الطلق، والخلق الرحب، وأن تظهر له في عينك وحركاتك وهشاشتك وارتياحك عند مشاهدته إياك ما يزداد به كل يوم، وفي كل حالة ثقة بمودتك، وسكونا إلى غيبك، ويرى السرور في جميع أعضائك التي يظهر السرور فيها إذا لقيك.

وإن أصابته نكبة، أو لحقته مصيبة، أو عثر به الدهر، كيف تكون مؤاساتك له بنفسك ومالك؟!! وكيف يظهر له تفقدك ومراعاتك؟! ولا تنتظرنّ منه أن يسألك في مضض ما لحقه لتخفف عنه.

وإن بلغت مرتبة من السلطان والغنى فاغمس إخوانك فيها من غير امتنان و لا تطاول.

فإن رأيت من يحتشمك آنئذ فاجذبه إليك، واختلط به، وابرأ بذلك من الكِبْر والصلف.

ثم احذر المراء مع صديقك خاصة، وإن كان واجبا أن تحذره مع كل أحد، فإن مماراة الصديق تقتلع المودة من أصلها، لأنها سبب التباين، وقبح أثره لا يخفى، فلا تقف مع المرء محبةٌ، ولا ترجى به ألفة.

نعم ينبغي أن يكون كلٌّ مرآة لأخيه، ينصح بعضهم بعضا، ويرشد كل أخاه إلى سبيل الكمال، و لا يكتم نقدَ ما يراه نقصا، فمِن تبادل النقدِ في ساحة المودة على بساط الصفا يكون الكمال.

وينبغي أن لا تؤاخذ صديقك المخلص بالتقصير، ولا تجازه عليه، ولا تعاتبه عتابا مفرطا، وأدم ملاطفته، وتعهّد أشياءه، واهد ما تستحسنه إليه، واجتهد في الإكثار من الأصدقاء، فإن الصديق زين المرء وعضده، وناصره ومذيع فضائله) اهـ.

ـ[سعد مطر الحسيني]ــــــــ[17 - 05 - 09, 04:10 م]ـ

بارك الله فيك أخي علي ونفع الله بك, وبالفعل فوائد قيّمة ونفيسة ..

ـ[أسنج]ــــــــ[17 - 05 - 09, 06:34 م]ـ

جميل جدا. أين أجد هذا كتاب على النت؟

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[17 - 05 - 09, 09:04 م]ـ

بارك الله فيك أخي علي ونفع الله بك, وبالفعل فوائد قيّمة ونفيسة ..

آمين وإياكم أخي سعدا.

أخي سنج:

لا أظن أن الكتاب موجود على الشبكة.

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[18 - 05 - 09, 07:42 ص]ـ

و قال في (الأدب مع الوالدين):

(هو أن يسمع كلامهما، ويقوم لقيامهما، ويمتثل أمرهما، ولا يمشي أمامهما، ولا يرفع صوته فوق أصواتهما، ويلبي دعوتهما، ويحرص على مرضاتهما، ويخفض لهما الجناح، ويحسن إليهما جهده، ويبرهما، ويكرمهما في حالتي عسره ويسره، ويتوخى مسرتهما، وترويح قلوبهما، ولا يمُنَّ عليهما بالبر بهما، ولا بالقيام بأمرهما، ولا ينظر إليهما شزرا (1)، ولا يقطّب وجهه في وجوههما، ولا يسافر إلا بإذنهما) اهـ.

(1) قال ابن منظور في (لسان العرب):

((شزر) نَظَرٌ شَزْرٌ فيه إِعراض، كنظر المعادي المبغض؛ وقيل هو نظر على غير استواء بِمؤْخِرِ العين؛ وقيل هو النظر عن يمين وشمال، وفي حديث عليّ:"الْحَظُوا الشَّزْرَ واطْعُنُوا اليَسْرَ"، الشَّزْرُ النظر عن اليمين والشمال، وليس بمستقيم الطريقة؛ وقيل هو النظر بمؤخر العين.

وأَكثر ما يكون النظرُ الشَّزْرُ في حال الغضب، وقد شَزَرَهُ يَشْزِرُهُ شَزْراً وشَزَّرَ إِليه، نظر منه في أَحد شِقَّيْهِ ولم يستقبله بوجهه ... ) اهـ.

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[19 - 05 - 09, 06:35 ص]ـ

وقال في (الأدب مع الإخوة من النسب):

(يلزم الفتى أن يتأدب معهم، ويحترمهم، ويعرف أنهم أقرب الناس إليه بعد الأبوين، ويحب لهم النفع والشرف أكثر من جميع الناس.

فأما أخوه الأكبر فإنه يجعله في منزلة أبيه، فلا يرفع صوته عليه، ولا ينازعه، ولا يخالفه في وصاياه الجميلة، ليكسب حبه، ويسعى في منافعه.

وأما الذين هم أصغر منه فيواسيهم، ويشفق عليهم، ولا يضربهم، ولا يشتمهم، ويلاطفهم، ويستجلب محبتهم بحسن الأخلاق، ولطف المعاملة.

وإذا رأى منهم ما لا يليق، فعليه أن ينهاهم باللطف والمعروف، ويعرفهم ضرره، ولا يسعى بهم عند أبيه بالفتنة (1)، فتكثر الكراهة بينهم، ويألفون الشر، ويعتادونه بسببه، فيعود الوبال عليهم، وجلِيٌّ أن إخوة المرء هم أعوانه على سعادته وحسن حاله) اهـ.


(1) لكن إذا كان الأمر معصية، ولم ينتصحوا، صار هنا واجبا عليه أن يخبر أباه، ليكفهم عن الشر، لأن الله تعالى يقول:
{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير