تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 05 - 09, 07:11 ص]ـ

و قال في (أدب الخدم ومعاملتهم):

(يجب في الخادم أن يكون صالحا عفيفا أمينا نشيطا ذكيا، فهو يقوم بحق الله بأداء ما أوجبه، وحق من يخدمه، فيعف عن حرمه، ويغض من طرفه، ويحفظ ما ائتمن عليه من مال وغيره، ويخف للقيام بما يطلب منه بنشاط واعتناء، ويفطن لما ينبغي أن يراد منه، فيدري حسنه من قبحه، وغشه من نصحه، فيكون رجلَ حياة، وإنسانَ معيشة.

وعلى سيد الخادم أن يرشده لمواقع الصواب، وأصول واجباته، وما ينبغي أن يتصف به، و لا يكلفه ما لا يطيق ويشق عليه، وأن يربيه باللطف والعقل، ولا يهينه ببذيء الكلام، وجافي اللفظ، مما يجرح قلبه، ويذل نفسه، إذ ليس للسيد أن يتسلط على خادمه بذلك، لا شرعا ولا عرفا.

ويجب على السيد أن يسمح للخادم بساعة في النهار يتروح فيها، ويتمتع بشؤونه، وأن يجري عليه مرتبا يكفيه، ليكفه عن التشوف لما قد يسرقه ويختلسه، فإن ما ينقصه السيد من مرتبه ربما اختلس من ماله، وأن يزيد في راتبه كلما رآه يزيد في صدق الخدمة وحسن المعاملة، ولا ينبغي للسيد أن يسرع في تبديل الخادم بمجرد هفوة، أو حصول صغيرة، وليتذكر أن لا معصوم إلا المعصوم، فإن في تبديله مضارا عظيمة، وأتعابا جسيمة، نعم إذا علم أن فيه خلة فاسدة، أو ملكة رديئة، أو إصرارا على فحشاء، فإنه يطرده عن بابه، ويباعده من رحابه.

وعلى الأبناء أن يحتفظوا بخادم أبيهم أو جدهم، وأن يحترموه لتقادم خدمته لهم، وتربيته لهم صغارا، و أن يرْعَوا حقه وحق آله وأولاده اعترافا بالجميل.

ومن الحمق وقلة العقل طرد الخادم الذي تقادم عهده، واطلع على دخائل سيده، وأسرار حرمه، بلا باعث كبير؛ أو إبعاد خادم أبيه وقد عرف شدة اتصاله به، فإن هذا من لؤم الطبع، وكفران العشرة، وقلة المروءة.

وبالجملة: فكل من أراد أن يهنأ باله مع خادمه، فليحسن معاملته، ولينزله منزلة أحد عائلته، وليبره فوق ما يأمل، ولا ينل منه بما يجرح قلبه، وليرفق به في سره وعلنه، وليغض عما يجوز الغض منه، وليرحم تعبه، ولا يؤرقه لحاجته إذا أخذ مضجعه، بل يشفق على راحته.

ويُحكى عن بعض خيار الأمراء أنه كان يحمل فرش ضيوفه على رأسه ليلا إلى محال نومهم، ولا يوقظ خادمه لحملها، شفقة منه ورحمة، و " الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ") (1) اهـ.


(1) ما أبعد الناس اليوم في معاملة خدمهم عن هذه الخصال الكريمة التي ذكّر بها العلامة القاسمي! إلا من رحم ربي، فإنك تراه إذا دعا خادمه زجره زجرا، وقطب وجهه!، وإذا احتاجه عنده للخدمة أبقاه واقفا مدة بقائه في المجلس!
فإن احتاجه وهو نائم تعب، بكته ولامه على نومه! وأيقظه بما يملك من لفظ جارح!
وتراه يكلفه بما لا يطيق! فتراه تارة يكلفه أن يقوم بما ينبغي أن يتعاون عليه ثلاثة! ولا يعينه!
وتراه إذا أخطأ خطأ صغيرا سبه وأهانه وضربه!!
وأما راتب هذا المسكين فلا تسل عنه! فإنه طوال فترة خدمته لا ينال إلا طعام بطنه! وأما راتبه فإنهم يسوفونه! سوف سوف، الشهر القادم، والذي بعده! فإذا قرب انتهاء عقده، قطع له تذكرة، ثم سفّره وحيدا فريدا مفلسا!! لا أدري أين هم من قول النبي –صلى الله عليه وسلم -:
(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة:
رجل أعطى بي ثم غدر.
ورجل باع حرا فأكل ثمنه.
ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره)؟!!.
رواه البخاري.
وأين هو من (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)؟!
وعند الله تلتقي الخصوم في يوم يكون الوفاء فيه بالحسنات والسيئات!
والموعد الله تعالى.

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 05 - 09, 07:57 ص]ـ
وقال في (أدب معاشرة الزوجة):

(يلزم حسن الخلق معها، واحتمال الأذى منها، وكف الضرر عنها، والحلم عند طيشها وغضبها!، والمداعبة تطييبا لقلبها، وأن لا ينبسط في الموافقة باتباع هواها إلى حد يفسد خلقها، وتسقط هيبته عندها، فلا يدع الانقباض ما رأى منكرا، ولا يفتح باب المساعدة ما رأى محظورا، وأن يعتدل في الغَيرة، فلا يتغافل عما تخشى عواقبه، ولا يبالغ في إساءة الظن والتعنت وتجسس بواطن الأمور.
وأن يعتدل في النفقة، فلا يسرف ولا يُقتّر، ولا يتبعه منّةً ولا أذى، وأن يأمرها بالتصدق ببقايا الطعام وما يفسد لو ترك، ولا يستأثر عنها بمأكول طيب، فإنه شح موغر للصدور، ولا يخبرها بقدر ماله!، ولا يستكتمها سرا يخاف إذاعته (1).
وأن يتعلم من علم المحيض وأحكامه ما يحترز به الاحترازَ الواجب (2)، وأن يعلمها من العبادات والآداب ما لا تستغني عن معرفته.
وأن لا يكلفها من خدمته فوق طاقتها، ومن عنده أكثر من زوجة واحدة فعليه بالعدل بالسوية، ومجانبة الميل إلى بعضهن
، وإذا أراد سفرا أقرع بينهن.
وليحذر الفقير من الجمع بين زوجات وهو لا يستطيع الإنفاق عليهن (3)، إذْ لا يزال معهن في نزاع على النفقات وسائر الحقوق الزوجية، وقد لا يطلقهن و لا واحدة منهن، ولا يزال الفساد يتغلغل فيهن وفي أولادهن، ولا يمكن له و لا لهن أن يقيموا حدود الله تعالى، وضرر ذلك بالدين والأمّة غير خافٍ على أحد) اهـ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير