تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 05 - 09, 08:01 ص]ـ

و قال في (أدب جليس الأمراء):

(يلزم جليسهم أن يكون متأدّبا، حسن الأخلاق، نقيّ الثوب، طيب الرائحة، ذا معرفة بالبلاغة والفصاحة، حافظا لصواب الشعر و ملحه، و مجونه ونوادره، يورد الحكايات والفكاهات، وضروب الأمثال في أوقاتها، كتوما للأسرار، بعيدا عن النميمة، حسن المحضر للناس، يأتي في خطابهم بضمير الغائب، ولا يستعمل ضمير الجمع في الإخبار عن نفسه، و لا يكون جهير الكلام، و لا مهموسه، مخفّفا مدة الزيارة لهم، فإن في إطالتها ضيق صدر المزور، و ملال الزائر، وضياع الوقت عليهم.

قال حكيم: إذا حضرت مجالس الأمراء فاغضض عينيك، و لا تقل في غيبهم ما لا تقوله في مشهدهم، فإن حرمة مجالستهم في غيبهم كحرمتها في مشهدهم، و لا تأمن أن يكون لهم عين ترفع إليهم أخبارك، و تورد عليهم أسرارك.

وإذا حدثك صاحب المجلس فاستمع إليه، و أقبل بوجهك وجملتك عليه، و لا تُعْرض عن كلامه وقوله، و إذا أورد عليك خبرا، أو أنشدك شعرا، أو طارحك أمرا و أنت به عليم، و لك به خبر قديم، فأظهر له أنك لم تسمعه إلا منه!، و لم تأخذه إلا عنه، كما قيل:

و تراه يُصغي للحديث بسمعه **وبقلبه، و لعلّه أدرى به.

و اجعل لدينك من دنياك نصيبا، وكن على نفسك رقيبا،و صيّر لكل جارحة من جوارحك زماما، ومن النُّهى و العقل زماما، وإذا صاحبتَ أميرا، فتوخّ جميل الاحترام، وتوقّ سبيل الاقتحام، و لا تبدأ بالمقال، و لا تتبسط بالسؤال، وإذا تكلم فأقبل عليه بوجهك، و أصغ إليه بسمعك، ووكل بشفتيه ناظريك، و أشغل بحديثه قلبك وخاطرك، و استمعه استماع مستحسن هاشّ له، مستبشر به، متعجب منه، وإن كنت تحيط به علما، وتحقه فهما، و لا يدعوك فضل أنسه إليك و مداعبته إياك على ابتدائه بالمزح والهزل، ومفاتحته بما يُسْتَهْجَنُ من القول، فإزالة الحشمة توجب الغضب و الإنكار.

وأما أستاذ الأمير ومعلمه فيلزمه أن يُخرج تعليمه مخرج المذاكرة والمحاضرة، لا مخرج التعليم والإفادة، لأن لتأخير التعليم خجلة يجل الأمير عنها، فإن ظهر منه خطأ أو زلل في قول أو عمل، عرّض له باستدراك زلله، أو إصلاح خله، ولم يجاهره، وإذا أعطاه فضل إقبال عليه، فلا يحمله ذلك على الإدلال عليه، و الإكثار إليه، فصار ذلك ذريعة إلى ملله، ومفْضيا إلى بُعْده، فإن الأمير منقسم الخواطر، مستوعب الزمان، ليس له فراغ المنقطعين إلى العلم!، ولا صبر المنفردين به.

وليحذر موافقة هواه فيما يجانب الدين ويضاد الحق، فإن في ذلك غضب الحق، ومقت الخلق.

و ما أحسن قول الرشيد للأصمعي:

يا عبد الملك: أنت أعلم منا، و نحن أعقل منك، لا تعلمنا في ملأ، و لا تسرع إلى تذكيرنا في خلا، واتركنا حتى نبدأك بالسؤال، فإذا بلغتَ من الجواب حق الاستحقاق فلا تزد إلا أن نستدعي ذلك منك، وانظر إلى ما هو ألطف في التأديب وأنصف في العلم) (1) اهـ.


(1) صدق النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ قال:
( .. ومن أتى أبواب السلاطين افتتن) رواه الطبراني عن ابن عباس-رضي الله عنهما- وصححه الألباني-رحمه الله تعالى-.
و لذا كان كثير من سلفنا الصالح ينأى بعيدا عن أبوابه، حتى لا يصبح في موضع الفتنة والاختبار، ذلك أن جليسه بين ساكت على باطل، فهو هالك، وبين ناصح أمين –وهم قلة! - فيتعرض لمقت السلطان وغضبه.
والله المستعان.

ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[27 - 05 - 09, 08:09 ص]ـ
الأخ الغالي علي ..

بارك الله فيك يا شيخ علي ...

واصل حفظك الله ..

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 05 - 09, 07:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي المكرم أنسا على تشجيعك.

و قال في (أدب النصيحة):

(من أهم الواجبات بذل النصيحة العامة لنوع الإنسان كافة، وهي الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، الذي نوّهت (1) الشرائع بعلو شأنهما، وجعلتهما من أهم الوسائل النافعة في تقويم أَوَدِ (2) الأمة، و تشييد دعائم هيأتها الاجتماعية، غير أن النصيحة لا تجدي إلا باستيفائها شروطها من الصدق والإخلاص، واللين في القول، و المحبة، والتجرد عن شوائب الخشونة والبذاءة في اللسان بالسباب والشتم مما تنفر منه الطباع السليمة.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير