(قال الكسائي: أَعظم القِصاعِ الجَفْنَةُ، ثم القَصْعةُ تليها تشبع العشرة، ثم الصحْفَةُ تشبع الخَمسة ونحوهم، ثم المِئْكلةُ تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصُّحَيْفَةُ تشبع الرجل) اهـ.
(3) أخرج مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشماله، فقال:
"كل بيمينك"؛ قال: لا أستطيع.
قال: "لا استطعت". ما منعه إلا الكبر! قال: فما رفعها إلى فيه.
(4) و الظاهر أن ساعة عرفا طويلة، و الأصل أن يأكل حاجته، ويقوم، قال ابن مفلح:
(قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا مُطْمَئِنًّا وَهَذَا خِلَافُ أَشْهَرِ التَّفْسِيرَيْنِ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتَّكِئًا} أَيْ لَا آكُلُ أَكْلَ رَاغِبٍ فِي الدُّنْيَا مُتَمَكِّنٍ بَلْ آكُلُ مُسْتَوْفِزًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ... ) اهـ ..
(5) في المسند عن ابن عباس –رضي الله عنهما - قال:
(نهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن النفخ في الطعام والشراب).
قال ابن عبد القوي في منظومته:
و يُكره نفخ في الغدا وتنفس ... وجولان أيد في طعام موحد.
(6) قال ابن مفلح في (الآداب):
(قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَلَا يَشْرَبُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ أَجْوَدُ فِي الطِّبِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ، ثَمَّ عَادَةٌ) اهـ.
(7) قال تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا}.
(8) لما في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما –قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه.
و يقاس عليه غيره من الثمار، قال ابن عماد الأقفهسي في آداب الأكل:
و إن أوتيت بأنواع الثمار فكل**من حيث شئت و لا تقرب على دغل
إلا إذا قرنوا أو كنت صاحبه**وسامحوك على هذاك فانتحل
وكالثمار زبيب قال بعضهمو**ومثله عنب فاحفظ على مهل
(9) قال في (الآداب الشرعية):
(وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُلْقِمَ أَحَدًا يَأْكُلُ مَعَهُ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الطَّعَامِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَدَبَ، وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْإِقْدَامِ عَلَى طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ؛ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ بَعْضِ الضِّيفَانِ مَا لَدَيْهِ وَنَقْلُهُ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِفَاعِلِ ذَلِكَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ جَلِيسِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَنَسٌ {دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَانْطَلَقْت مَعَهُ فَجِيءَ بِمَرَقٍ فِيهَا دُبَّاءٌ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ الدُّبَّاءِ وَيُعْجِبُهُ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ جَعَلْت أُلْقِيهِ وَلَا أَطْعَمُهُ قَالَ أَنَسٌ فَمَا زِلْت أُحِبُّ الدُّبَّاءَ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَقُلْ وَلَا أَطْعَمُهُ.
". . . " إلى أن قال (ابن مفلح):
وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ هَلْ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنْ قُوتِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ: إنَّ الضَّيْفَ لَا يَمْلِكُ الصَّدَقَةَ بِمَا أُذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَقَالَ إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَضَافَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ الْأَكْلَ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، خُولِفَ فِي أَكْلِهِ مِنْهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ يَبْقَى مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَدْنَى الْإِذْنُ فِي الْأَعْلَى وَحَقُّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ، وَالضِّيقِ.
وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ التَّحْرِيمُ.
¥