وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ إنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ قَالَ، لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِلْكَ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَمْلِيكٍ، وَوُجِّهَتْ رِوَايَةَ الْجَوَازِ فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِأَنَّهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَالْإِذْنِ عُرْفًا فَجَازَ كَصَدَقَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْت زَوْجِهَا، وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الضَّيْفِ فَيَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِهِ فِيهَا حَيْثُ جَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَلْخِيصُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الضَّيْفَ لَا يَمْلِكُ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَامَحَةُ فِيهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَمْ تُخَالِفْهُ قَرِينَةٌ، كَتَلْقِيمِ بَعْضٍ بَعْضًا وَتَقْدِيمِ طَعَامٍ وَإِطْعَامِ سِنَّوْرٍ وَكَلْبٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ رِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَوْلَى جَوَازُهُ.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ:
يابُ مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْمَائِدَةِ شَيْئًا.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَا بَأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يُنَاوِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَائِدَةِ إلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى.
ثُمَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ {أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ فَذَهَبَ أَنَسٌ مَعَهُ فَقَرَّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيْ الصَّحْفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ فَجَعَلْت أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ}.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِيهَا قَالَ فَاقْبَلْ الْغُلَامُ عَلَى عَمَلِهِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ حَسَنٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَةً أَوْ قَرِينَةً مُؤْذِيَةً لِلضَّيْفِ وَتَمْنَعُ إكْرَامَهُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمَنْ مَنَعَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى أَنْ يَحْمِلَ خَبَرَ أَنَسٍ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ رَبَّ الطَّعَامِ رَاضٍ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْفُنُونِ": سَأَلَ سَائِلٌ حَنْبَلِيًّا فَقَالَ:
هَلْ يَجُوزُ لِلْقَوْمِ يُقَدَّمُ لَهُمْ الطَّعَامُ أَنْ يُقَرِّبَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: قَدْ كُنْت أَقُولُ لَا يَجُوزُ وَلَا لِسِنَّوْرٍ، حَتَّى وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَذْكُورَ) اهـ.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 06 - 09, 07:00 ص]ـ
و قال (أدب الرياضة):
(ترويح الفكر بالرياضة من تجوّل و تحريك أعضاء، أو تأمل في منظر بهيج مفيد للحسم فائدة كبرى، سيما لذوي الأشغال العقلية، كالتصنيف والمطالعة، و التدبر في المعاني، و للنظم والنثر، فإن الدّأب على شغل واحد موجب للضجر و ضيق الصدر، و أنفع الرياضات في حفظ الصحة ما تتحرك بها كل العضلات حركة معتدلة، فإنها تنميها و تقويها، وتحلل فضولها، و تجعل البدن خفيفا نشيطا، بسبب تكوين الحرارة الغريزية، لأنه كلما زاد سيلان الدم في الجسم زاد أيضا رسوب دقائق جديدة في الأنسجة، ونزع الدقائق التالفة، و لذلك ترتفع درجة حرارة المتحرك أكثر من الساكن.
و أحسن أوقات الرياضة الصباح، لأن الهواء وقتئذ جاف و نقي، و قوى الجسم أشد.
و يجب تجنب الرياضة الشاقة قبل أكلة مستوفاة، أو على أثرها، ولابد أن تكون الرياضة في الهواء النقي، وفي نور الشمس، فإنّ تأثيره في الإنسان مثله في النبات، سيما لدارس العلم، فإنه يتأكد له رياضة في النهار لا في المساء) اهـ.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[15 - 06 - 09, 05:52 ص]ـ
و قال في (أدب المريض):
¥