ألم يقل الإمام أحمد إمام أهل السنة بنفسه: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، ويذهبون إلى رأى سفيان، والله يقول:"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" أتدرى ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع فى قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلك.
قال الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله-: ولتعلم أن الطاعة من أنواع العبادة، بل إن الطاعة فى التحليل وفى التحريم هى معنى اتخاذ الأرباب كما قال الله –جل وعلا- "اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ".
وأنظر رحمك الله أقوال الأئمة فى ذلك:
1 - قال الإمام أبو حنيفة: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" وفى رواية "حرام على من لم يعرف دليلى أن يفتى بكلامى" زاد فى رواية "فإن بشر، نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا" وقال "إذا قلت قولاً يُخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فاتركوا قولى"
2 - قال الإمام مالك بن أنس: "إنما أنا بشر أخطىء وأصيب، فانظروا فى رأيى؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" وقال "ليس أحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا ويُؤخذ من قوله ويترك إلا النبى صلى الله عليه وسلم"
3 - الشافعىّ: "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلت من قول، أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قولى" وقال "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد" وغير ذلك الكثير.
4 - أحمد بن حنبل: "لا تقلدنى ولا تقلد مالكًا ولا الشافعىّ ولا الأوزاعىّ ولا الثورىّ، وخذ من حيث أخذوا" وقال "رأى الأوزاعى ورأى مالك ورأى أبى حنيفة كله رأى وهو عندى سواء، وإنما الحجة فى الآثار" وقال "من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة"
- قال الحافظ ابن رجب: " فالواجب على من بلغه أمر الرسول وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره، وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة، فإن أمر رسول الله أحق أن يعظم ويقتدى به من رأي أي مُعظَّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة، وربما غلظوا في الرد، لا بغضاً له بل هو محبوب عندهم مُعظَّم في نفوسهم، لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع، ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره، وإن كان مغفوراً له، بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول بخلافه. أ. هـ.
قال الإمام ابن تيمية فيما نقله عنه المرداوى: من أوجب تقليد إمام بعينه استتيب وإلا قُتل، لأن هذا الإيجاب إشراك بالله فى التشريع الذى هو من خصائص الربوبية. أ. هـ.
قال ابن حزم: التقليد حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا برهان ... إلى آخر كلامه رحمه الله.انظر النبذة الكافية لابن حزم 1/ 71 ونقله عنه الدهلوى فى "حجة الله البالغة" 1/ 154.
- وليُنظر فى المناظرة التى جائت فى "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 232 وإعلام الموقعين 2/ 196.
- ثم إن اتباع الدليل لا يعنى التنقص من الإمام أو هجر كلامه، قال العلامة الألبانى: إن هذا الزعم أبعد ما يكون عن الصواب بل هو باطل ظاهر البطلان كما يبدو ذلك جليا من الكلمات السابقات فإنها كلها تدل على خلافه وأن كل الذي ندعو إليه إنما هو ترك اتخاذ المذاهب دينا ونصبها مكان الكتاب والسنة بحيث يكون الرجوع إليها عند التنازع أو عند إرادة استنباط أحكام لحوادث طارئة كما يفعل متفقهة هذا الزمان وعليه وضعوا الأحكام الجديدة للأحوال الشخصية والنكاح والطلاق وغيرها دون أن يرجعوا فيها إلى الكتاب والسنة ليعرفوا الصواب منها من الخطأ والحق من الباطل وإنما على طريقة (اختلافهم رحمة) وتتبع الرخص والتيسير أو المصلحة - زعموا - وما أحسن قول سليمان التيمي رحمه الله تعالى: (إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله) رواه ابن عبد البر (2
¥