لو أن هذا الشيء المعروض للتجارة فيه اضطراب، أي: لا يثبت على قيمة معينة، فأنت تقدِّر أن أقل ما تبيع به هذه السيارة هو مائة وخمسون، ولكنك إذا جئت تعرض تقول: مائة وسبعون أو مائة وستون، فهل العبرة بأكثر ما تطلبه، أم العبرة بأقل ما تطلبه أو ترضى به؟
أولاً: قضية سوم الأشياء بأعلى من قيمتها حتى تنزل، فيه حديث أم أنمار رضي الله عنها، فإنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا أرادت أن تشتري الشيء سامته بأقل من قيمته، فلا تزال مع صاحبه حتى يبلغ قيمته فتشتريه، وإذا أرادت أن تبيع الشيء سامته بأكثر من قيمته حتى يبلغ القدر الذي ترضى به فتبيع، فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا، فكره بعض العلماء مثل هذا.
ولكن الصحيح أنه يجوز؛ لأن هذا الحديث متكلّم في سنده، وقد ذكره الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه في الإصابة، وأشار إلى سنده، وله أصل في سنن ابن ماجة.
والصحيح: أنه يجوز للإنسان أن يسوم بالأكثر والأقل، والأفضل له أن يجتزئ بأقل الأرباح حتى يضع الله له البركة فيما يأخذ، وهذا مبني على عموم قوله عليه الصلاة والسلام: (رحم الله امرأً سمحاً إذا باع)، قالوا: السماحة في البيع أن يرضى بأقلّ الربح.
ثانياً: إذا قلنا: إنه يشرع أن تسوم بالأكثر حتى تبلغ الأقل، فحينئذٍ نحن بالخيار بين ثلاثة أمور: إما أن نقول: العبرة بالأكثر لأنها تسام به، وعُرضت متاجرةً بهذا الأكثر، وكونه يرضى بالأقل، هذا شيءٌ رضي خسارته على نفسه، فلا نرضى خسارته على الفقراء والمساكين.
وإما أن نقول: العبرة بالأقل؛ لأنه هو اليقين، والقاعدة في الشرع: (أن اليقين لا يزال بالشك)، فالأصل أن الذي يبيع به وتُقدَّر به السلعة ويرضى به المشتري في الغالب هو الأقل، فحينئذٍ نقول على هذا الوجه: العبرة بالأقل.
وإما أن نقول: العبرة بما بينهما.
والذي يترجح من هذه الثلاثة الأمور القول: بأن العبرة بالأقل؛ لأنه اليقين، وهذا أصل طرده العلماء رحمة الله عليهم في كثير من المسائل.
وعليه: فإنه إذا كان يعرضه بمائة ويرضى بتسعين فالعبرة بالتسعين.
وقال بعض العلماء: الورع أنه ينظر إلى السوق، فإن كان السوق رائجاً حتى يصير بالأكثر، فإنه يقدره بالأكثر، وإن كان بالأقل فلا حرج أن يقدره بالرخصة بالأخذ بالأقل.
انتهى المقصود.
ـ[أبو معاذ عبدالله]ــــــــ[06 - 10 - 09, 12:31 م]ـ
أخي الفاضل: أبو الطيب الروبي ..
جزاك الله خير وأشكر لك جهودك
مثال: لما فهمت وأريد منك التأكيد فقط إن كان صحيح.
عندي سلع في المحل اشتريتها بـ 100 ريال
وأخرى بـ 150 ريال
وأخرى بـ 200 ريال
وأخرى بـ 300 ريال
وأخرى بـ 10 ريال
وأخرى بـ 5 ريال ..
وعند البيع حددت للعامل الذي سوف يبيع أن يبيع بمكسب 50% .. مثال:-
100 = 150
150 = 225
200 = 300
300 = 450
10 = 15
5 = 7.50
فهل أخرج الزكاة بما حددته من سعر أو بأقل سعر لا أرضى بعده بالبيع ..
مثال: اشتريت سلعة بـ 100 وأردت مكسب فيها 50% بمعنى أبيع بـ 150، لو جاءت السعلة بـ 120 فأنا راضي لكن بأقل منها لن أبيع .. أفهم من كلامك أعلاه أن أقوم السلعة بـ 120 ريال .. لأنه أقل سعر أرضى بالبيع به.
فهل مفهومي صحيح.
ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[06 - 10 - 09, 11:07 م]ـ
صحيح!
وممكن يأخذك الورع فتحدد بالأعلى لأنه الأحظ للفقراء، أليس كذلك؟ (ابتسامة)
ـ[محمد بن أحمد السني]ــــــــ[06 - 10 - 09, 11:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليك أخي أبا الطيب الروبي لطالما بحثت عن هذه الفتوى
بحثت عليها قبل أيام قليلة بشق الأنفس فلم أجدها
فأحسن الله إليك وأحسن الله الى الأخ السائل الذي كان سببا في ذلك
رزقتم الجنان وتزوجتم الحور الحسان
ـ[أبو معاذ عبدالله]ــــــــ[07 - 10 - 09, 01:12 ص]ـ
أخي الفاضل: أبو الطيب
جزاك الله خير ونفع الله بك .. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
أخي الفاضل: محمد السني
وأحسن الله إليك كذلك وآمين على دعائك لنا بارك الله فيك ..