[أقسام الأطباء، ومن يضمن منهم أخطاءه الطبية في علاجه]
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[14 - 10 - 09, 05:56 م]ـ
[أقسام الأطباء، ومن يضمن منهم أخطاءه الطبية في علاجه]
أريد أن أعرف إذا كان أثناء عملية العلاج حدثت أخطاء طبيَّة غير مقصودة، وغير متوقعة، في هذه الحالة ما هي المسئوليات الواقعة على عاتق الأطباء، وفي علم الطب: الأطباء – غالباً - ما يكشفون الخطأ للمرضى، هل هناك عقوبة على الأطباء إذا كانت الأخطاء لا تقبل التعديل؟.
الحمد لله
أولاً:
الأخطاء الطبية باتت مصدر قلق لكثير من الناس في بلدان العالم، المتقدمة منها وغيرها، فقد بلغت في الولايات المتحدة - مثلاً – 98.000 حالة وفاة نتيجة الأخطاء الطبية كل عام! ومثله يقال في دول أخرى كبريطانيا وألمانيا، ولعلَّ الاستهانة بأرواح الناس من أجل تجريب الأدوية والعلاجات هو من الأسباب في تلك الأخطاء المزعومة، وللأسف نجد كثيراً من القضايا المرفوعة على الأطباء لا يكتب لها النجاح؛ والسبب في ذلك أن اللجان الطبية تتعاطف مع الطبيب أكثر من تعاطفها مع المعوق أو الميت، وبالأحرى أكثر من تعاطفها مع الحق.
ثانياً:
أما بخصوص ضمان الطبيب للخطأ – أو العمد – في علاجه للمريض: فإن هناك أصلاً في السنَّة النبوية في هذه المسألة، وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ) رواه أبو داود (4586) والنسائي (4830) وابن ماجه (3466)، وفي إسناده كلام، وحسَّنه الألباني في " سنن أبي داود ".
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله:
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل: "من طبَّ"؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء، والدخول فيه بعسر، وكلفة، وأنه ليس من أهله.
"زاد المعاد" (4/ 127).
ويضمن الطبيب ما يتلفه من نفس أو أعضاء في الحالات الآتية:
1. المتعدي العامد.
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله:
وبتعمد الطبيب للقتل، والقطع للعضو بقصد الضرر: خرج عن كونه طبيباً إلى كونه ظالماً معتدياً، وأصبح وصفه بكون طبيباً لا تأثير له؛ لخروجه بتلك الجناية عن حدود الطب مع قصدها.
وهذا الأثر قلَّ أن يوجد عند الأطباء؛ لما عُرف عنهم من الحرص على نفع مرضاهم، وهم محل حسن الظن، ولذلك نجد الفقهاء رحمهم الله يعتبرون هذا الأصل فيهم، ومن ثم قال بعضهم عند بيانه لعلة إسقاط القصاص عن الطبيب إذا قصَّر: " والأصل عدم العداء إن ادعِيَ عليه بذلك ".
" أحكام الجراحة الطبية " (ص 365).
2. المعالج الجاهل.
وهو بجهله يعدُّ متعديّاً، والحديث السابق نصٌّ في أنه يضمن.
قال ابن القيم رحمه الله:
وأما الأمر الشرعي: فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب، وعمله، ولم يتقدم له به معرفة: فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر بالعليل، فيلزمه الضمان لذلك.
قال الخطابي: " لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدَّى فتلف المريض كان ضامناً، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه: متعدٍّ، فإذا تولد من فعله التلف: ضمن الدية، وسقط عنه القَوَد [القصاص]؛ لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض" انتهى.
"زاد المعاد" (4/ 127، 128).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
أما إذا لم يكن حاذقاً: فلا يحل له مباشرة العملية، بل يحرم، فإن أجراها: ضمن ما أخطأ فيه وسرايته.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 4000).
وهذا الضمان من الطبيب الجاهل المتعدي يكون حيث لا يعلم المريض أن الطبيب يجهل الطب والعلاج، فإن علِم أنه جاهل ورضي به معالِجاً: سقط حقه، ولم يضمن الطبيب، مع استحقاقهما للتعزير.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب، وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه، وهو بالغ، عاقل: فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة.
" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " (8/ 104).
3. الطبيب الماهر الذي أخطأت يدُه.
ويضمن الطبيب الماهر إذا أخطأت يده فأتلفت عضواً صحيحاً، أو مات المريض بسبب ذلك الخطأ.
قال ابن المنذر رحمه الله:
¥