تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْجَوْزِيّ وَمَا عَرَفْنَا هَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَإِنْ ثَبَتَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى وَجْه الْمُدَاعَبَةِ لِلصّغِيرِ إذْ كَانَ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ يَوْمئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ لِأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَزَوّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلِعُمَرِ تِسْعُ سِنِينَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَفْتَقِرُ نِكَاحُهُ إلَى وَلِيّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَشْتَرِطُ فِي نِكَاحِهِ الْوَلِيّ وَأَنّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ.

وقال ابن كثير في السيرة النبوية: فلما حلت في شوال خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها بنفسه الكريمة وبعث إليها عمر بن الخطاب في ذلك مرارا، فتذكر أنها امرأة غيرى، أي شديدة الغيرة وأنها مصبية، أي لها صبيان يشغلونها عنه ويحتاجون إلى مؤنة تحتاج معها أن تعمل لهم في قوتهم، فقال: أما الصبية فإلى الله وإلى رسوله , أي نفقتهم ليس إليك، وأما الغيرة فأدعو الله فيذهبها. فأذنت في ذلك وقالت لعمر آخر ما قالت له: قم فزوج النبي صلى الله عليه وسلم. تعنى قد رضيت وأذنت. فتوهم بعض العلماء أنها تقول لابنها عمر بن أبى سلمة، وقد كان إذ ذاك صغيرا لا يلى مثله العقد، وقد جمعت في ذلك جزءا مفردا بينت فيه الصواب في ذلك. ولله الحمد والمنة , وأن الذى ولى عقدها عليه ابنها سلمة بن أبى سلمة، وهو أكبر ولدها , وساغ هذا لان أباه ابن عمها، فللابن ولاية أمه إذا كان سببا لها من غير جهة البنوة بالاجماع، وكذا إذا كان معتقا أو حاكما.

وقال الشيخ الالباني في الارواء: أخرجه النسائي (2/ 77) والحاكم (3/ 16 - 17) والبيهقي (7/ 131) وأحمد (6/ 295، 313 - 314، 317 - 318) وقال الحاكم: " صحيح الاسناد فان ابن عمر بن أبي سلمة الذي لم يسمه حماد بن سلمة سماه غيره سعيد بن عمر بن أبي سلمة ". كذا قال ووافقه الذهبي في " التلخيص "! وأما في الميزان فقال: " ابن عمر بن أبي سلمة المخزومي عن أبيه. لا يعرف وعنه ثابت البناني ". وقال الحافظ في " اللسان ": " قيل اسمه محمد بن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد ". ونحوه في " التهذيب " ولم يتعرض لا هو ولا غيره لقول الحاكم المذكور أن اسمه سعيد بن عمر بن أبي سلمة. وسواء كان اسمه هذا أو ذاك فهو مجهول لتفرد ثابت بالرواية عنه فالاسناد لتلك ضعيف

وقال الشيخ محمد الاثيوبي في شرح سنن النسائي: حديث أم سلمة رضي الله عنها هذا ضعيف لجهالة ابن عمر بن أبي سلمة , فقد تفرد بالرواية عنه ثابت البناني , فهو مجهول عين فلا تصح روايته.

وقال الشيخ علي الصياح في تحقيقه لجزء من علل ابن أبي حاتم: وأمّا أمْرُ أمِّ سلمةَ ابنَها عمر أن يزوجها النبيّ صلى الله عليه وسلم فلم ترد إلاّ من طريق ابن عمر بن أبي سلمة، ولم أجد ما يشهد لها فهي ضعيفة، قال الذهبيّ في الميزان (4/ 594رقم 10818): ((ابن عمر بن أبي سلمة القرشي المخزومي عن أبيه أن أم سلمة قالت: يا عمر قم فزوج رسول الله فهذا لا يعرف قاله عبد الحق الأزدي، ومدار الحديث على ثابت البناني عن ابن عمر وفيه مقال لجهالته)).

أما حديث تزويج أنس أمه لأبي طلحة فقد قال ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف: أخبرنا محمَّد بن عبد الباقي بن سليمان أنا حمد بن أحمد ثنا أبو نعيمٍ أحمد بن عبد الله ثنا محمَّد بن عليٍّ ثنا الحسين بن محمَّدٍ الحرَّانيُّ ثنا أحمد بن سنانٍ ثنا يزيد بن هارون أنا حمَّادٌ عن ثابتٍ عن أنسٍ أنَّ أبا طلحةَ خطب أمَّ سليمٍ، فقالت: يا أبا طلحة، ألست تعلم أنَّ إلهك الذي تعبد خشبةٌ تنبتُ من الأرضِ نجرها حبشيُّ بني فلان؟! قال: بلى. قالت: أفلا تستحي أن تعبد خشبةَ من نباتِ الأرض نجرها حبشيُّ بني فلانٍ؟! إن أنت أسلمت لم أرد منك من الصداق غيره. قال: حتى أنظرفي أمري، فذهب، ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله. قالت: يا أنس، زوِّج أبا طلحة. وهذا أيضًا فيه نظرٌ، لأنَّه لا خلاف أنَّ أبا طلحةَ شهد العقبة مسلمًا، والعقبةُ قبل الهجرةِ، وقدم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنس بن مالك ابن عشرٍ، فإن كان زوَّج أمَّه فقد زوَّجها وهو ابن سبعٍ أو ثمانٍ، ومثل هذا ليس بوليٍّ، ثم قد كان هذا قبل تقرير الأحكام.

قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق: قال البيهقيُّ: أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عليُّ بن حمشاذ العدل ثنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم وحجَّاج بن منهالٍ قالا: ثنا حمَّاد بن سلمة عن ثابتٍ وإسماعيل بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنسٍ أنَّ أبا طلحةَ خطب أمَّ سليمٍ ... فذكره بنحو ما تقدَّم. وإسماعيل: ثقةٌ، وهو أخو إسحاق. وقال الحاكم: هذا الحديث على شرط مسلمٍ. وقال البيهقيُّ: أنس بن مالك ابنها وعَصَبَتُها، فإنَّه أنس بن مالكِ بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرامٍ، من بني عَدِيِّ بن النجار؛ وأمُّ سليم هي: ابنة ملحان بن خالدٍ بن يزيد بن حرامٍ، من بني عَدِيِّ بن النجار. واعلم أنَّ هذا الحديث- وإن كان إسناده صحيحًا- إلا أنَّ قوله: (قالت: يا أنس، زوِّج أبا طلحة) شاذٌ منكرٌ، وقد روى النسائيُّ وغيره هذا الحديث من رواية جعفر بن سليمان عن ثابتٍ عن أنسٍ، وليس فيه أنَّ أنسًا كان وليًّا، وهو الصحيح.

جمع وترتيب: أبو معاذ الحسن

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير