تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4. قد ثبت بأصح إسناد أن النبي صلى الله عليه أراد أن يوصي لأبي بكر الصدِّيق بالخلافة بعده، ثم ترك الأمر، وقال بأن المؤمنين لن يرضوا بغيره خليفة، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ (لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ؛ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ، أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ - أَوْ: يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ -) رواه البخاري (5342) – واللفظ له - ومسلم (2387) بلفظ:

(وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ).

ولسنا بالذي يهتم لهذا، لأنه قد أبى الله والمؤمنون أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر.

5. وما يحصل من مراجعة بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض المسائل لا يعكر على صفة الاستجابة، والمتابعة للشرع؛ لأنهم يراجعونه صلى الله عليه وسلم حتى يأتي الوحي بالجزم بما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، فيسارعون بعدها لتنفيذ الأمر.

قال النووي – رحمه الله -:

قال الخطَّابي: وقد كان أصحابه صلى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش، فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة: فلا يراجعه فيه أحد منهم.

" شرح مسلم " (11/ 91).

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور، ما لم يجزم بالأمر، فإذا عزم: امتثلوا.

" فتح الباري " (1/ 209).

6. قول عمر رضي الله عنه " حسبنا كتاب الله ": لم يكن خطاباً مع النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أجلُّ من أن يفعل ذلك، وإنما كان مخاطباً من اعترض عليه بالامتناع عن إحضار كتاب.

قال النووي – رحمه الله -:

وقول عمر رضي الله عنه " حسبنا كتاب الله ": ردٌّ على من نازعه، لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

" شرح مسلم " (11/ 93).

7. وقد وجَّه العلماء رحمهم الله امتناع عمر رضي الله عنه عن إحضار كتاب ليكتبه النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيهات عديدة، منها:

أ. إشفاقه على النبي صلى الله عليه وسلم من تكليفه في تلك الحال إملاء الكتاب، وأن تدخل عليه مشقة من ذلك كما قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم اشتد به الوجع ".

ب. خشيته من طعن المنافقين ومن في قلبه مرض، في ذلك الكتاب، والتشكيك بناقليه، والطعن فيهم، وفي عدالتهم.

ج. خشيته " أن يكتب أموراً يعجزون عنها، فييقعوا في الحرج بالمخالفة، ورأى أن الأرفق بالأمة في تلك الأمور سعة الاجتهاد، وحكم النظر، وطلب الصواب، فيكون المصيب والمخطئ مأجوراً ".

انظر: " دلائل النبوة " (7/ 184)، " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " للقاضي عياض (2/ 194)، " شرح مسلم " للنووي (11/ 91)، " فتح الباري " (1/ 209).

8. وأما كلام ابن عباس رضي الله عنهما: فليس فيه طعن بالصحابة رضي الله عنهم، وهو ممن بايع الصدِّيق، والفاروق بعده، وإنما أراد أن الحائل نفسه كان مصيبة؛ لظهور الفتنة بعد ذلك، والطعن في أولئك الأعلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

وقول ابن عباس " إن الرزية كلَّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب الكتاب ": يقتضي أن هذا الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصدِّيق، أو اشتبه عليه الأمر؛ فإنه لو كان هناك كتاب: لزال هذا الشك، فأما مَن علم أن خلافته حق: فلا رزية في حقه، ولله الحمد.

" منهاج السنة النبوية " (6/ 11).

10. وقول ابن عباس رضي الله عنه هذا إنما هو اجتهاد منه، ولا شك أن عمر أعلم وأجل من ابن عباس، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ترك الكتابة، وعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عمر، هو ترجيح لرأيه، وتصويب لفعله.

قال النووي – رحمه الله -:

فكان عمر أفقه من ابن عباس، وموافقيه.

" شرح مسلم " (11/ 90).

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر: إشارة إلى تصويبه رأيه، وأشار بقوله " حسبنا كتاب الله " إلى قوله تعالى (مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)، ويحتمل أن يكون قصد التخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب، وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه؛ إذ لو كان من هذا القبيل: لم يتركه صلى الله عليه وسلم لأجل اختلافهم.

ولا يعارض ذلك قول بن عباس " إنَّ الرزيَّةَ " الخ؛ لأن عمر كان أفقه منه قطعاً.

" فتح الباري " (8/ 134).

وبه يتبين لك بطلان ادعاء الرافضة، في طعنهم في الصحابة رضي الله عنهم، وخصوصاً عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويتبين صدق السلف في أنهم أكذب الطوائف المنتسبة للإسلام، فاحذرهم على دينك أخي السائل، ونسأل الله لك الثبات على الإسلام والسنَّة.

وانظر – للمزيد حول عقائد الرافضة – أجوبة الأسئلة: (113676 ( http://islamqa.com/ar/ref/113676)) و (4569 ( http://islamqa.com/ar/ref/4569)) و (1148 ( http://islamqa.com/ar/ref/1148)) و (21500 ( http://islamqa.com/ar/ref/21500)) .

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

http://www.islamqa.com/ar/ref/134757

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير