تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْلِبُ فَلَا يَبْطَرُ؛ وَيَغْلِبُ فَلَا يَضْجَرُ. وَلَمَّا كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُو النَّاسَ عِنْدَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ إلَى تَعَدِّي الْحُدُودِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ: {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: وَقَدْ بَكَى لَمَّا رَأَى إبْرَاهِيمَ فِي النَّزْعِ أَتَبْكِي؟ أَوَلَمْ تَنْهَ عَنْ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْت عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٌ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرَ شَيْطَانٍ. وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةِ لَطْمِ خُدُودٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَدُعَاءٍ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ} فَجَمَعَ بَيْنَ الصَّوْتَيْنِ.

وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَصَائِبِ فَمِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ}. وَقَالَ: {أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْحَالِقَةِ وَالصَّالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ}. وَقَالَ: {مَا كَانَ مِنْ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنْ الشَّيْطَانِ}. وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ عَلَى دَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا حُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ - وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ وَقَالَ: مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ}. وَاشْتَرَطَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْبَيْعَةِ أَنْ لَا يَنُحْنَ وَقَالَ: {إنَّ النَّائِحَةَ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا فَإِنَّهَا تَلْبَسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مَنْ جَرَبٍ وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ}. وَقَالَ فِي الْغَلَبَةِ وَالْمَصَائِبِ وَالْفَرَحِ: {إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ؛ وَلْيَحُدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ}. وَقَالَ: {إنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ}. وَقَالَ: {لَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا}. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ فِي الْجِهَادِ مِنْ الْعَدْلِ وَتَرْكِ الْعُدْوَانِ؛ اتِّبَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. وَنَهَى عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَتَخَتُّمِ الذَّهَبِ؛ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ وَإِطَالَةِ الثِّيَابِ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ فِي النِّعَمِ وَذَمِّ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَجَعَلَ فِيهِمْ الْخَسْفَ وَالْمَسْخَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}. وَقَالَ عَنْ قَارُونَ: {إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}. وَهَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ مَعَ الصَّبْرِ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فِي الشَّهْوَةِ هِيَ جَوَامِعُ هَذَا الْبَابِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ وَيَشْتَهِيهِ: وَبَيْنَ مَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فَهُوَ يَطْلُبُ الْأَوَّلَ بِمَحَبَّتِهِ وَشَهْوَتِهِ وَيَدْفَعُ الثَّانِيَ بِبُغْضِهِ وَنُفْرَتِهِ. وَإِذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ أَوْ انْدَفَعَ الثَّانِي أَوْجَبَ لَهُ فَرَحًا وَسُرُورًا وَإِنْ حَصَلَ الثَّانِي أَوْ انْدَفَعَ الْأَوَّلُ حَصَلَ لَهُ حُزْنٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ عِنْدَ الْمَحَبَّةِ وَالشَّهْوَةِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ عُدْوَانِهِمَا؛ وَعِنْدَ الْغَضَبِ وَالنُّفْرَةِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير