شيخ الإسلام حُجَّة الأمة و إمام دار الهجرة: مالك بن أنس
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[15 - 11 - 09, 07:39 م]ـ
الإمام مالك - إمامُ دار الهجرة
بقلم» مجلة الجندي المسلم ( http://www.almenhaj.net/SeekingAuther.php?Auther= مجلة الجندي المسلم)
( http://www.almenhaj.net/SeekingAuther.php?Auther= مجلة الجندي المسلم)
فإنَّ الله تعالى إذا أراد بمن شاء من عباده خيرًا آتاهم الحكمة، وفَقَّههم في الدِّين، وأعمَر قلوبهم باليقين. قال {: "من يُرد الله به خيرًا، يُفَقِّههُ في الدِّين ... " (1). متفق عليه. ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا (269) {البقرة: 269} قال الإمام مالك: "الحكمة المعرفةُ بدِينِ الله والفقهُ فيه والاتِّباع له" (2).
فالحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم؛ يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيُون بكتاب الله الموتى، ويُبَصِّرُون بنور الله أهل العمى. فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضَالٍّ تائه قد هَدَوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم (3).
والإمام مالك بن أنس الأصبحي - رحمه الله، وبَلَّل بالمغفرة ثراه - أحدُ أولئك الأبرار، وسَيِّدٌ من تلك الثُلَّة المباركة الأطهار. هذا الإمام الذي وُضع له القبول في الأرض، والمحبَّة في قلوب الخلق، فانتفع بعلمه ملايين من المسلمين في مختلف الأمصار والأعصار، وأجمَعت الأمَّة على إمامته.
وحَسبُك أنَّ حَبرين جليلين من أكثر أحبار هذه الأمة اتِّبَاعاً، وأجلِّها أشياعاً؛ هما ثمرةٌ من ثماره: تلميذُهُ النَّجيب الإمام محمَّد بن إدريس الشَّافعي القائل: "مالكٌ مُعَلِّمي وأستاذي، ومنه تَعلَّمنَا العلم، وما أحدٌ أمَنُّ عليَّ مِن مالك، وجعلت مالكًا حُجَّةً فيما بيني وبين الله تعالى" (4)، وتلميذه الإمام أحمد بن حنبل الشَّيباني، القائل - وقد سُئل -: رجلٌ يحبُّ أن يحفظ حديث رجلٍ بعينه؟ قال: "يحفظ حديث مالك! قيل: فرأي؟ قال: رأي مالك! " (5).
ومن أمعن النَّظر في مَذهَبَي هذين الإمامين؛ رأى أنهما سَارَا على خطى مالك، وأنَّ الفتوى عندهما على مذهبه، إلاَّ أن يَضطَرَّا لمخالفته. وهذه المخالفة وإن كانت في الظاهر مفارقة، إلاَّ أنها في الباطن عين الموافقة، فقد كان الإمام مالك يقول: "كُلُّ أحدٍ يُؤخذ من قوله ويُرَد، إلاَّ صاحب هذا القبر - يعني: النبي {-" (6)، حيث يثبت في المسألة الأثر، أو يكون فيها مَسرَحٌ للنظر.
وقديمًا قيل:
وَلَيسَ كُلُّ خِلاَفٍ جَاءَ مُعتبَرًا*****إِلاَّ خِلاَفٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ
اسمه و نسبه:
هو شيخ الإسلام حُجَّة الأمة، إمام دار الهجرة، العَلَم الحافظ فقيه الأمة: مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر ابن عمرو بن الحارث أبو عبد الله الحِميَري ثم الأصبحي المدني التَّيمي القرشي - حليفهم -. وأمُّه هي عالية بنت شريك الأَزْدية (7).
مولده:
ولد - على الأصح - في سنة ثلاث وتسعين، عام موت أنس رضي الله عنه خادم رسول الله {، بذي المروة - موضع على ثمانية بُرُد من المدينة -. وقد ذكر غير واحد أنَّ أمَّه حملت به ثلاث سنين (8).
نشأته:
كانت نشأته صالحة، فقد نشأ في صَون ورفاهِيَّة وتجَمُّل، في بيت علم وصلاح؛ فقد كان جدُّه من كبار علماء التابعين، أخذ عن أمير المؤمنين عثمان ابن عفان رضي الله عنه وطائفة (9). وكان لهذه النشأة الأثر البالغ في توجهه العلمي، ونبوغه المبكر.
طلبه للعلم:
جدَّ الإمام مالك في الطلب منذ صغره، ونافس أقرانه حتى كان المقدم بينهم، فقد طلب العلم وهو حَدَثٌ بُعَيد موت القاسم، وسالم، وهو ابنُ بضع عشرة سنة. فأخذ عن نافع وسعيد المقبري وعامر بن عبدالله بن الزبير، وابن المنكَدِر، وربيعة، والزُّهري، وعبدالله بن دينار، وخَلق سواهم، وتلا على نافع بن أبي نعيم، ولحق عطاء بن أبي رباح (10).
منزلته:
¥