تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إتحافُ الطالِب الحاذِق اللَّبيب، بما يحصِّل العلم الرَّحيب الرَّطيب

ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[17 - 11 - 09, 10:09 م]ـ

إتحاف الطالب الحاذق اللبيب، بما يحصِّل العلم الرحيب الرطيب

تحقيق: حسام الحفناوي


إتحافُ الطالِب الحاذِق اللَّبيب، بما يحصِّل العلم الرَّحيب الرَّطيب

للعلامة أبي المواهب جعفر بن إدريس الشريف الكتاني، رحمه الله تعالى

مقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد:

فهذه رسالة لطيفة في الحَثِّ على تَصحيح النِّيَّة في طلب العلم، والاجتهاد في تحصيله، وبيان بعض الآداب التي يَلْزَم طالب العلم أن يَتَحَلَّى بها، وهذا بابٌ عظيمٌ من الأبواب التي اهتم العلماء قديمًا وحديثًا بالتَّصنيف فيه، فمنهم من تناول بعض مسائله، ومنهم من حاول استيعاب هذا الباب.

ومن أشهر التَّصَانيف فيه: "الجامع لأخْلاق الرَّاوي وآدابِ السَّامع" للخطيب البغدادي، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبدالبر، و"أدب الإملاء والاستملاء" لابن السَّمْعَاني، و"تَعْليم المُتَعَلِّم طريق التَّعَلُّم" للزّرْنوجي، و"تَذْكِرة السَّامع والمُتَكِّلم في أدب العالم والمُتَعَلِّم" لابن جَماعة، و"أدب الطَّلَب" للشَّوْكاني، و"حِلْيَة طالب العلم" للشَّيخ بكر أبي زيد، وغيرها كثير.

والرِّسالة التي معنا لواحدٍ من عُلماء المغرِب، الذين لا نعرف عنهم الكثير؛ إذِ اقتصرت معرفَتُنا بعلماء المغرب والأندلس على أسْماءٍ بعَيْنِها، أمَّا أكْثَرُهم فهم - كما قال بعض العلماء المعاصرين – مظلومون؛ إذْ لا نكاد نعرف عنهم شيئًا، رحِم الله جَميع علماء المسلمين، وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

وهي مطبوعة على الحجر بفاس، بتصْحيح مؤلِّفها - رحِمه الله تعالى - منذُ أكثرَ من قرن.

ترجمة العلاَّمة الشَّيخ جعفر بن إدريس الكتَّاني
رحمه الله تعالى [1]
هو العَلاَّمة الفقيه، المُحَدِّث، النَّسَّابة، أبو المواهب، جعفر بن إدريس، الكتاني، الحسني، المالكي.

وُلد - رحِمه الله تعالى - بفاس حوالَي سنة ست وأرْبعين ومائتين وألف، وأخَذَ بِها عن كبار مشايخِها، ونَبَغ مبكِّرًا، فتَصَدَّر للتَّدريس والخطابة والإمامة في رَيْعان شبابِه بجامع القرويين، وغيره من جوامع ومساجد وزوايا فاس.

وقد رفض - رحِمه الله تعالى - تَوَلِّي القضاء في أي من مدن المغرب، ومع ذلك فقد ظلَّ المرْجع في الأحكام التي تُستأنف عند سُلطان بلاد المغرب في ذلك الوقْت، وهو السلطان الحسن الأوَّل العلوي، وكان السلطان المذكور قد قَرَّب الشيخ جعفرًا؛ لما رأى من نُبوغه، وصار الشَّيخ أحد رجال مجلس الشورى عنده، وواحدًا من الذين ساهموا في النهضة العلمية والحضاريَّة، التي شهِدَها عصر السلطان المذكور.

وكان عالمًا، ورعًا، مُنْقَبِضًا عن النَّاس، كثيرَ التَّصْنيف، قليلَ التَّدريس، مُهابًا في أعيُن النَّاس، مُحَبَّبًا لهم، يُرْجَع إليْه في النَّوازل والأحكام، ولا يُداهِن أحدًا، وكان يُعرف في عصره بِمالكٍ الصَّغير؛ نظرًا لتَبَحُّره في الفِقْه، ومعرفته بأساليب الاستِدْلال، وحفْظِه لنصوص المذهب، مع ميْله للآثار، واعتِنائه بنوازل الوقْت.

ترك - رحِمه الله تعالى - مؤلَّفات تُقارب المائة، منها: حَوَاشٍ على الصَّحيح، وأُخرى على جامع الترمذي، وصَنَّف "الشِّرْب المُحْتَضَر في رجال القرن السادس عشر"، وله عِدَّةُ أَثْباتٍ ذكر فيها شيوخَه، وكان يروي بالإجازة العامَّة عن الشيخ عابد السِّندي، رحمه الله تعالى.

وكان له - رحِمه الله - دَوْر مهمٌّ في إحْياء تراث علماء المغرب، فقام بتحْقيق وتصحيح مَجموعة من أمَّهات المؤلَّفات، كحاشية المَكُودي على ألفية ابن مالك، وغيره.

خَتَمَ الصحيحين سَرْدًا ودراسة بالزَّاوية الكِتَّانِيَّة بفَاسٍ أَزْيَد من عشرين مرَّة، كما أَقْرَأ بها بَقِيَّة الكتب السِّتة، عدا ابن ماجه.

وكان - رحِمه الله تعالى - سيفًا على رقاب المُتَجَنِّسين بجنسيَّات الكفار، كما قام بدور كبير في تحريض سلطان بلاده على قتال الفرنسيين، عندما حاولوا احتلال موريتانيا، وصَنَّف في ذلك رسالة يَسْتَنْفِر فيها السلطان وجنوده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير