تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حادثة ذات انواط للشيخ فركوس]

ـ[ابو حمدان]ــــــــ[18 - 11 - 09, 11:53 م]ـ


السؤال:

.. ثمَّ إنَّ أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قد سألوا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أن تكون لهم شجرة ينوطون بها سلاحَهم ويستمدُّون منها البركةَ والنصرَ، فلم يُجِبْهُمْ إلى طلبهم، بل أنكر عليهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أشدَّ الإنكار لِمَا وقعوا فيه من معصية الشِّرك، فكان التحذير على أصلٍ من أصول الدِّين، وقد أعذرهم بسبب الجهل لكونهم حديثي عهد بالكفر، فلذلك كان اعتبار الجهل عذرًا بحادثة ذات أنواط، وهذا نصُّها:

«عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ -وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ-، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِالسِّدْرَةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ, اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ?اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ? [الأعراف: 138]، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» (1 - أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم: (2180)، وقال: «حسن صحيح»، وأحمد في «مسنده»: (21390)، والحديث صححه الألباني في «جلباب المرأة المسلمة»: (202).).

فإن كان للشيخ أبي عبد المعز –حفظه الله- توجيه آخر سليم على غير ما ذكر، فليوضِّحه لنا ونكون له من الشاكرين.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالتوجيهُ المطلوبُ لهذه الواقعة يظهر بوضوح في أنَّ أصحاب النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إنما طلبوا مجرَّدَ المشابهة للمشركين لا عَيْنَ الشِّرك، حيث إنَّ سؤالَهم له باتخاذ ذات أنواط يشبه سؤالَ بني إسرائيل لموسى عليه السلام باتخاذ الآلهة من دون الله لا أنه هو بعينه؛ ذلك لأنَّ التشابه في وجهٍ أو فردٍ لا يلزم التشابه بينهما من كلِّ وجهٍ وفردٍ، كتعلُّق قلبِ المدمن بالخمر في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مُدْمِنُ الخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» (2 - أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الأشربة، باب مدمن الخمر: (3375)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنهم، وأخرجه أحمد في «مسنده»: (2449)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 289): «فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح، والله أعلم».)، فوجه التشابه بينهما أنَّ المدمنَ لا يكاد يمكنه أن يَدَع الخمرَ، كما لا يدع عابِدُ الوثن عبادته، ولم يقل أحدٌ إنَّ مدمنَ الخمر مشركٌ بهذه المشابهة في بعض الأفراد، ويمكن الاستئناس بأثر عليٍّ رضي الله عنه لَمَّا مَرَّ على قومٍ يلعبون بالشطرنج قال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ (3 - أخرجه البيهقي في سننه، كتاب «الشهادات» باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج (21532)، وفي شعب الإيمان (6518)، عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي الله عنه. وأخرجه البيهقي في «سننه» (21532)، والآجري في «تحريم النرد» (ق43/ 1)، وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (47)، من طريق ميسرة بن حبيب. والحديث صحَّحه ابن حزم في «المحلى»: (9/ 63)، وقال عنه ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (32/ 244): «ثابت»، وصحَّحه ابن القيم في «الفروسية»: (310)، وضعَّفه الألباني في «إرواء الغليل»: (8/ 288). وانظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب: (395).) فشبَّههم بالعاكفين على التماثيل، لذلك فالتشبيه من هذا الوجه لا يلزم بالضرورة المشابهة بينهما من كلِّ وجهٍ، قال الشوكاني -رحمه الله-: «هذا وعيدٌ شديد وتهديدٌ ما عليه مزيد؛ لأنَّ عابد الوثن أشدُّ على الكافرين كفرًا، فالتشبيه لفاعل هذه المعصية
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير