تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لا ترفعوا الآراء ونتائج الأفكار على سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ]

ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[02 - 12 - 09, 09:13 م]ـ

[لا ترفعوا الآراء ونتائج الأفكار على سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ]

يسألك إنسان عن حكم مسالة شرعية، أو يحدث أمامك أمر يخالف السنة وعندما تجيب وتبين ما في هذا الأمر من حكم أو سنة من قول الله وقول رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تفجأ أحياناً من بعض المتعالمين من يقول لك: مَنْ مِنَ العلماء قال بهذا؟ هل قال به أحد من العلماء؟ وهذا السؤال مشروط بأن يكون من العلماء البارزين، أو من العلماء الذين يعرفهم أو يميل إليهم.

حتى إنا سمعنا من قال: أنا اتبع العالم الفلاني ولو من غير دليل!!.

تقول له قال الله وقال رسوله، ويقول لك من قال بهذا؟

أبعد كلام الله وكلام رسوله كلام لأحد كائناً من كان؟، ولاسيما عند وضوح الدليل وبيان النص.

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه (13/ 339): "وكانت الأئمة بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره؛ اقتداءً بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ".

قال ابن عبد البرـ رحمه الله ـ في جامع بيان العلم وفضله (2/ 190): " وقد أمر الله عز وجل بطاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء ـ كما أمرنا باتباع كتاب الله ـ ولم يقل وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ ".

ولاشك أن ذكر أقوال أهل العلم واستدلالاتهم مفيد لطالب العلم، لكن قولهم لا يلزم بدون دليل من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

قال الشافعي ـ رحمه الله ورضي عنه ـ في جماع العلم ص (11): " وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ".

وإذا كانت المسألة ليس فيها قول لأحد من العلماء المشروط بهم، هل يعني هذا أن الإنسان لا يُسلّم لنصوص الكتاب والسنة وهي الأصل في الاتباع والعمل والاعتقاد.

هل السنة يُسْتَدل لها من أقوال العلماء، أم أقوال العلماء يُسْتَدل لها من السنة؟

أين تعظيم الأخذ بالكتاب والسنة وهما الأصل والمعيارعند من يسأل عن الحق ويطلبه؟

قال ابن عبد البر ـ رحمه الله تعالى ـ في جامع بيان العلم وفضله (2/ 173): " واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة؛ بل السنة عيار عليه ". أهـ

وأفرد الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ لذلك بابًا في كتاب " الفقيه والمتفقه " (1/ 143)، فقال: " باب تعظيم السنن، والحث على التمسك بها، والتسليم لها، والانقياد إليها، وترك الاعتراض عليها " ..

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مختصر الصواعق ص (139): " وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال، ولا يقرون على ذلك ".

إن هذا الأصل لابد له من تعظيم وتوقير وإجلال، لأنه هو الدين وهو المصدر وعليه العمل والاعتقاد والسؤال عنه أمام رب العالمين:

قال تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) [المائدة 109].

وقال تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص 65].

ماذا أجبتم المرسلين؟ لا، ماذا أجبتم فلاناً أو فلاناً؟

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في مدارج السالكين (2/ 387): " ومن الأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أن لا ترفع الأصوات فوق صوته فإنه سبب لحبوط الأعمال، فما الظنُّ برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به؟! أترى ذلك موجباً لقبول الأعمال، ورفعَ الصوت فوق صوته موجباً لحبوطها؟!.

ومن الآداب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أن لا يُسْتَشْكَلَ قولُهُ، بل تُسْتَشْكَلُ الآراء لقوله، ولا يعارضَ نصُّه بقياس، بل تُهدرُ الأقيسةُ وتُلغَى لنصوصه، ولا يُحَرَّفَ كلامُه عن حقيقته لخيالٍ يُسميه أصحابه معقولاً، ولا يُوقَفَ قبولُ ما جاء به ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع موافقة أحد، فكل هذا من قلة الأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو عين الجرأة ". أهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير