عفوا ارجوا من المشرف تقصير علامة (ـــــــــــــــــــــ) لأنها طويلة جدا ,
نكمل
الخلفية الواقعية التي نزل فيها الحكم
[الحكم عن الشئ فرع عن تصوره]
الحكمة من أحكام الأعراض غيرة الله على عباده.
قال الشيخ رفاعي: يجب أن نفهم ابتداءً أن لله سبحانه وتعالى حقَّ الحُكم، وأنه يحكم ما يريد، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو
المبلِّغ عن الله ..
وأن أحكام «الأَعْرَاض» من هذه الأحكام ..
وأن الحكمة من هذه الأحكام هي غيرة الله تعالى على العباد ..
كما قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ يَغَارُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرًا»
وقَالَ: « ... يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ
قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»
فإذا حكم الله وقضى فلا نجد في أنفسنا حرجا مما قضى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65].
وينبه حديث سعد الذي رواه البخاري إلى التعامل الصحيح مع حكم الله: قال سعد بن عبادة: «لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته
بالسيف غير مصفح عنه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْد، ٍ فَوَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ
مِنِّى؛ مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّه ... »
قاعدة «المخارج الشرعية»
وفي حادثة سالم مولى أبي حذيفة حكمٌ من أحكام الشرع الذي كشف عظمة الشريعة نفسها؛ إذ قام الحكم على اعتبار الحالة الإنسانية
الصعبة التي ترتبت على إنهاء حكم التبني.
فأصبحت الشبهة المثارة دليلاً على إنسانية الشريعة التي تحسب للإسلام، والتي بلغت حدًّا أوجد قاعدة «المخارج الشرعية» والتي كان
منها حكم رضاع سالم ..
ومثاله المخرج الشرعي الذي جعله الله لنبيه أيوب حتى يمنعه من ضرب زوجته!!
يقول ابن كثير في تفسير قوله سبحانه:) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (: (وذلك أن أيوب
عليه الصلاة والسلام كان قد غضب على زوجته ووَجَدَ عليها في أمْرٍ فعلته ... وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة ... فلما
شفاه الله عز وجل وعافاه ما كان جزاؤها -مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان- أن تقابل بالضرب؛ فأفتاه الله عز وجل
أن يأخذ ضغثا -وهو الشمراخ فيه مائة قضيب- فيضربها به ضربة واحدة، وقد برت يمينه وخرج من حنثه)
فالمخرج الشرعي هو حكم استثنائي تحافظ به الشريعة على أحكامها مع الاعتبار الكامل لظروف الواقع، وهو ما حدث في قضية سالم
مولى أبي حذيفة وغيرها.
وبعد المقدمة يأتي الردُّ على الشبهة ..
ببيان الخلفية الواقعية التي نزل فيها الحكم. . .
أَبَو حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ... تَبَنَّى سَالِمًا ... وزَوَّجَه بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ -وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ-؛ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ
مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ.
إذن سالم هو –أصلا- ابنٌ لأبي حذيفة بالتبني، وزوجته سهلة هي أمُّه بالتبني .. بكل ما يترتب على ذلك من أحكام التبني من الوراثة،
ووجوب النفقة وحرمة المصاهرة .. وهي الأحكام التي كانت ثابتة بالولادة أو الرضاع أو التبني.
إنهاء التبني. . .
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيات إنهاء التبني: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} رُدَّ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ رُدَّ إِلَى مَوْلَاهُ.
فنشأ مع ذلك مشكلة إنسانية؛ حيث رد الحكمُ الشرعي سالمًا إلى أن يصبح مولًا لأبي حذيفة بعدما كان ابنًا له بالتبني.
¥