تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشنقيطي " وعلوم الشر كثيرة، منها ما هو كفر بواح، ومنها ما يؤدي إلى الكفر، وأقل درجاتها التحريم الشديد. وقد دل بعض الأحاديث والآثار على أن العيافة والطرق والطيرة من السحر.

وعنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) رواه أبو داود بإسناد صحيح ... " ا هـ. باختصار.

انظر أضواء البيان [4/ 444 – 455].

وانظر أيضاً أحكام القرآن للجصاص [1/ 50 – 59]، وفتح الباري [10/ 222 – 223].

قال سمير: والذي يعنينا من تلك الأقسام، القسم الذي يستخدم فيه الجن، أو يتقرب فيه إلى الكواكب ونحوها، مما هو معروف من أفعال السحرة.

آية السحر في سورة البقرة

قال الله تعالى {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ... } الآية. سورة البقرة [102].

ذكر ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية الخلاف في قوله تعالى {وما أنزل} هل هو نفي، فيكون المعنى: ولم ينزل السحر على الملكين.

أو أن " ما " إسم موصول بمعنى " الذي ".

فيكون المعنى: والذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. وهو الذي رجحه ابن جرير.

قال ابن جرير " فمعنى الآية: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان، والذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وهما ملكان من ملائكة الله، سنذكر ما روي من الأخبار في شأنهما إن شاء الله تعالى ".

قال ابن جرير " إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينزل الله السحر؟ أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه للناس؟

قلنا له: إن الله عز وجل قد أنزل الخير والشر كله، وبين جميع ذلك لعباده، فأوحاه إلى رسله، وأمرهم بتعليم خلقه و تعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم , كالزنا و السرقة و سائر المعاصي التي عرّفهمُوها , و نهاهم عن ركوبها , فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها , ونهاهم عن العمل بها ... ".

إلى أن قال " فليس في إنزال الله إياه على الملكين , ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس إثم , إذ كان تعليمهما من علّماه ذلك بإذن الله لهما بتعليمه , بعد أن يخبراه بأنهما فتنة و ينهياه عن السحر و العمل به و الكفر.

و إنما الإثم على من يتعلمه منهما و يعمل به ... ".

ثم قال ابن جرير " القول في تأويل قوله تعالى {و ما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر} , و تأويل ذلك: وما يعلِّم الملكان أحداً من الناس الذي أنزل عليهما من التفريق بين المرء و زوجه , حتى يقولا له: إنما نحن بلاء و فتنة لبني آدم , فلا تكفر بربك ... ".

و ذكر ابن جرير بإسناده إلى ابن جريج أنه قال " لا يجترئ على السحر إلا كافر ".

انظر تفسير ابن جرير [1/ 498 ـ 510].

قال سمير: في هذه الآية عدة مسائل:

الأولى: الحكم على متعاطي السحر، تعليماً وعملاً، بالكفر.

لأن الله تعالى ذكر أن الشياطين كفروا، ثم عقب ذلك ببيان أحد أسباب كفرهم، وهو تعليمهم الناس السحر.

وأكد ذلك بما جاء على لسان الملكين – هاروت وماروت – حين كانا يعلِّمان السحر ويقولان للمتعلّم " لا تكفر ". أي: بتعلم السحر والعمل به.

وأما عن الملكين فإنهما كانا يعلمان ذلك بأمرالله، لا كما كانت الشياطين تفعل.

ولهذا كان الملكان يذكّران الناس بأنهما فتنة، وينهيانهم عن الوقوع في الكفر بسبب السحر.

وأكد ذلك في آخر الآية حيث قال {ولقد علموا لمن اشتراه} أي السحر، {ماله في الآخرة من خلاق} أي نصيب. كما ذكر ابن جرير في تفسيره.

الثانية: أن السحر ضرر محض، لا نفع فيه من وجه. لأن الله تعالى قال {ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم}.

وقال تعالى أيضاً {ولا يفلح الساحر حيث أتى}. [طه 69].

وقال سبحانه {قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين}. [يونس 81].

وما كان فاسداً فلا نفع فيه.

ولما بين سبحانه أنه لا نفع فيه في الدنيا، وأنه يضرهم، بين أن هذا الضرر إنما هو بقدر من الله، وما كان كذلك فإنه يلجأ فيه إلى الله تعالى لرفعه وكشفه، مع الأخذ بالأسباب التي شرعها الله تعالى وأباحها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير