تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهمل أولاده؛ فلم يهتم بتربيتهم، ولا بإصلاحهم، لا شك أن ذلك تفريط. كذلك أيضا ربما يسعى في إفسادهم؛ وذلك بما يحضر لهم من آلات الملاهي، إذا رغب الأولاد لسفههم، وقالوا: نريد أن نتمتع برؤية الأفلام التي نتسلى بها، أو برؤية المجلات التي نقرأ فيها ما يفرجنا ويفرحنا؛ فيحضر لهم أفلاما خليعة، وصورا هابطة ومجلات فاسدة. وكذلك أيضا قد يدخل في بيته أجهزة استقبال القنوات الفضائية؛ الدشوش وما أشبهها، فما فائدته؟ لا شك أنه لا فائدة فيها؛ بل إن فيها مضرة، وإن فيها آفات كبيرة؛ بحيث إنهم يستمعون فيها إلى الأغاني وما أشبهها، وينظرون فيها إلى الصور الفاتنة التي تفسد عقولهم، وتدفعهم إلى اقتراف الفواحش، وإلى فعل الزنا ومقدماته؛ حتى إنهم كثيرا ما يذكرون أن الشباب يقع أحدهم على محارمه يزني بأخته، أو ببنت أخيه أو نحو ذلك؛ فيكون السبب كونه يشاهد تلك الصور الفاتنة التي فيها إبداء العورات، وفيها ضم الرجل إلى المرأة، وفيها وطؤه للمرأة ونحوها.

يشاهد الرجل فوق المرأة، أو الرجل فوق الرجل، أو ما أشبه ذلك. لا شك أن هذا كله مما يوقعهم في الفساد، هذا من جهة. جهة ثانية إهمالهم حتى يتولاهم من يفسدهم. لا شك أن هناك شبابا قد فسدوا بإهمال آبائهم لهم، فإذا اجتمع بهم ولدك فلا بد أنهم يسعون في فساده، ويوقعونه فيما وقعوا فيه، يحبون أن يكون مثلهم. كما ذكروا ذلك عن بعض الثعالب، يقولون مثلا: مثل أجذم الثعالب. يحبوا أن يكونوا مثله.

ثعلب وقع في حبالة مسكت ذنبه، وانقطع ذنبه في هذه الشبكة أو الحبالة، فلما خالف الثعالب وإذا هي كلها ليست مثله، فأشار عليها، وقال: إن هذا الذنب لا يفيدكم؛ ولكنه ضرر، فمكنوني من أن أقطعها، يريد أن يكونوا مثله، فأخذ يقطع أذناب تلك الثعالب كلها. فيضربون هذا مثلا أن من وقع في شر؛ فإنه يحب أن يكثر الذين يقعون في ذلك الشر وذلك الفساد مثله، فيقولون: مثله كمثل أجذم الثعالب.

فإذا كان بعضهم ابتلي مثلا بشرب الدخان، أو رأى أن يكثر المدخنون، فيدعو ولدك، وولد فلان وفلان إلى أن يفعلوا كفعله؛ حتى يقعوا في شبكة الدخان، وإذا كان قد وقع في فاحشة اللواط حرص على أن يكثر الذين مثله، فيقعون فيما وقع فيه، وإذا كان قد ابتلي بتعاطي المخدرات، حرص على أن يوقع فيها هذا وهذا، فبذلك يكثر الفساد. طريقة التخلص: أن تتفقد أصحاب ولدك وجلساءه.

يا ولدي، من رفقاؤك ومن جلساؤك؟ ومن أصحابك الذين تذهب معهم، أو تسهر معهم، أو تسافر معهم؟ فإذا كانوا من حملة القرآن، ومن الأولاد الصالحين؛ شجعته على ذلك. وإذا كانوا من الفاسدين والمنحرفين زجرته عن صحبتهم، وأدبته على مقارنتهم، وبينت له سوء مقارنة من فسد، فإن المرء على دين خليله.

جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل خليله»؛ يعني جليسه، وصديقه. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»؛ أي لا تصاحب إلا الأتقياء، ولا تقرب إلا أهل التقى، وأهل الإيمان وأهل الصلاح، ويقول: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن يعطيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه رائحة طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة» لا شك أن هذا مثل رائع، أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الجليس السوء يفسد جليسه، يحرقه، يفسد عقيدته، يفسد خلقه.

وقد جاءت الأدلة من القرآن في النهي عن الجلساء السوء، وعن مقاربتهم، والأمر بالجلساء الصالحين، قال الله تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=6%20&nAya=52)} أي الصالحين والمؤمنين والمتقين لا تطردهم عن مجالستك؛ لأنهم يجالسونك ولأنهم يحبون الفائدة، ويحبون التعلم. وفي آية أخرى قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=18%20&nAya=28)} .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير