ويقصد بذلك زمن الحيض، والطهر والحيض يجتمعان في الشهر عادة للمرأة، وقد جعل الله تعالى عدة الآيسة والصغيرة ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء فيتعين شطر كل شهر للحيض وهو خمسة عشر يوما، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ما زاد على الخمسة عشر استحاضة) (58).
وقد أجمع على ذلك كثير من التابعين (59).
وثبت بالاستقراء عن الإمام الشافعي رحمه الله أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما (60).
وبذلك يتضح أن الرأي الراجح في مدة الحيض: أن أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما. والله أعلم.
الطهر
تعريفه: الطهر هو زمن نقاء المرأة من دم الحيض والنفاس.
علاماته: إن للطهر علامتين تدلان عليه وبهما يتحدد للمرأة إن كان يصح لها الرجوع إلى ما تركته في الحيض أم لا.
1ـ العلامة الطبيعية:
وهذه العلامة تشتمل على أمارتين حسيتين هما:
أـ القصة البيضاء: وهي ماء أبيض يعقب الحيض كما يطلق عليه البياض الخالص.
ويستدل على ذلك بما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أنها قالت اللاتي بعثن إليها بالدرجة (61) فيها الكرسف (62) فيه الصفرة من دم الحيض: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد الطهر من الحيضة) (63).
ب ـ الأثر الجاف: فالحائض تتعرف على طهرها بإدخالها خرقة في فرجها فإذا وجدت عليها أثرا كالخيط الأبيض. فهذه هي القصة البيضاء وهي العلامة الطبيعية الأصلية على طهارة الرحم، فإن لم تر القصة البيضاء تكتفي برؤية الأثر الجاف على القطن وهو الذي حشي به الفرج فخرج جافا لا شيء عليه (64).
2ـ العلامة الزمنية:
وهي المدة التي خلالها تكون المرأة طاهرا، والأصل أن الحالة التي تصحب المرأة هي الطهر وأن الحيض شيء عارض فربما مكثت المرأة عشرات السنين لا تحيض وربما مكثت عمرها كاملا بدون حيض.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن من النساء من لا تحيض بحال (65).
ولكي تعرف المرأة التي تحيض متى تصبح طاهرا من خلال المدة الزمنية فعليها أن تعرف:
أولا: ما هو أقل الطهر وما أكثره.
وثانيا: ماذا تفعل في الطهر الذي يقع بين الدمين كما سنوضحه فيما يلي:
أقل الطهر:
واقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما، وهذا هو قول الإمام أحمد بن حنبل كما نقله عنه صاحب الفروع (66).
وقيل: خمسة عشر يوما.
وقيل أنه لا حد لأقله وذلك رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام (67). ومال إليه صاحب الإنصاف.
وقد استدل الحنابلة على قولهم: أقل الطهر ثلاثة عشر يوما بما روي عن علي رضي الله عنه: أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلت، فقال علي لشريح: قل فيها. فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة. فقال علي: قالون. وهذا بالرومية معناه جيد (68).
وهذا لا يقوله إلا توقيفا ولأنه قول صحابي انتشر ولم نعلم خلافه (69).
وقال أبو بكر: أقل الطهر مبني على أكثر الحيض، فإن قلنا: أكثره خمسة عشر يوما فأقل الطهر خمسة عشر، وإن قلنا: أكثره سبعة عشر فأقله ثلاثة عشر.
ويتضح من ذلك أن بناءه هذا على أن شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوما يجتمع فيه حيض وطهر. وهكذا يعرف أقل الطهر، وقيل: إنه لا حد لأقله كما ذكره شيخ الإسلام.
أكثر الطهر:
لا خلاف بين الفقهاء بأنه لا حد لأكثر حيث إن ذلك لم يرد تحديده في الشرع
ومن النساء من لا تحيض (70).
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (فمن قدر في ذلك حدا فقد خالف الكتاب والسنة حيث إن الطهر لا حد لأكثره) (71).
ماذا تفعل المرأة في الطهر بين الدمين:
متى رأت المرأة الطهر فهي طاهر تغتسل وتلزمها الصلاة والصيام سواء رأته في العادة أو بعد انقضائها، ولم يفرق الحنابلة بين قليل الطهر وكثيره لقول ابن عباس: (أما رأت الطهر ساعة فلتغتسل) (72).
وقيل: عن انقطاع الدم متى نقص عن يوم فليس بطهر وهذا هو الصحيح وإيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة فيه حرج ينتفي بقوله الله تعالى: [وما جعل عليكم في الدين من حرج] (73). ولو أصبح انقطاع الدم ساعة طهرا ولا تلتفت المرأة إلى ما بعده من الدم لأدى ذلك إلى أنه لن يستقر لهذه المرأة حيض.
إذن فانقطاع الدم أقل من يوم لا يعد طهرا، إلا أن ترى ما يدل عليه لكي يعد طهرا بعلامة من علامات الطهر المعروفة والتي ذكرناها سابقا.
¥