تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحنفية (139)، والمالكية، والحنابلة في رواية أخرى: إن الرجل ليس له أن يجبر زوجته الذمية على الغسل من الحيض.

واستدل الجمهور بما يلي:

1ـ قال الله تعالى: [ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله] (140).

فالآية الكريمة لم تخص المسلمة من غيرها فهي تشمل المسلمة والذمية والحرة والمملوكة فأوجب الله بذلك التطهر على الجميع.

وإن عدم الاغتسال من الحيض يمنع الاستمتاع الذي هو حق للزوج فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه.

ويترجح لي ــ والله أعلم ــ رأي الجمهور القائل: بأن الرجل له أن يجبر زوجته الذمية على الغسل من الحيض؛ وذلك لقوة أدلته.

أقسام النساء من حيث الحيض

عندما يزيد دم الحيض عن أقصى مدته فإنه يحتاج إلى الحكم الشرعي فيه ولا يمكن الحكم في هذا الأمر إلا بالنظر إلى حالات المرأة المتعددة حين نزول الدم عليها، وهذا ما سيتضح خلال الحديث عن أقسام النساء من حيث الحيض وهي ما يلي:

1ـ مبتدأة مميزة:

مثالها: بلغت بالحيض واستمر بها الدم إلى أن عبر أقصى المدة، وحالها أنها متمكنة من تمييز الدم عن بعضه البعض فتعرف القوي منه بثخنه ونتنه وشدة لونه، فما كان منه على هذه الصفات فهو حيض وما كان ضعيفا فهو استحاضة أي دم فساد، والمراد بالضعيف الضعيف المحض (141).

وقد اشترط الشافعية لذلك شروطا ثلاثة هي:

أ ـ أن لا ينقص القوي عن أقل الحيض.

ب ـ أن لا يزيد القوي عن أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوما.

جـ ـ أن لا ينقص الضعيف عن أقل الطهر وهو خمسة عشر يوما.

ويتضح ذلك بالمثال الآتي:

امرأة أتاها الدم في أول شهر رجب واستمر بها وتجاوز أقصى المدة وهي خمسة عشر يوما، ولم يثبت على هيئة واحدة من الضعف والقوة وذلك إلى نهاية اليوم الخامس من شهر شعبان.

فإذا قلنا: إنه من بداية شهر رجب إلى خمسة عشر يوما من نفس الشهر بها سبعة أيام قوة ومن ستة عشر من شهر رجب إلى خمسة عشر من شهر شعبان عددها عشرون يوما.

والمرأة قد لاحظت دمها عقب الحد الأقصى فرأت ثلاثة أيام الدم خلالها قوي وما بقي ضعيف فتكون مدة حيضتها سبعة أيام بالإضافة إلى ثلاثة أخرى يكون مجموعها عشرة أيام.

أما الباقي فهو ثمانية أيام بالإضافة إلى سبعة عشر يوما يكون مجموعها خمسة وعشرين هي دم فساد.

وقد وافق الحنابلة والمالكية والشافعية في هذا المنطلق التمييزي بين الدمين، إلا أن الحنابلة أوجبوا الجلوس عليها في الدم القوي، أما في الضعيف فقالوا: إنها تغتسل (142) وتقوم بما عليها من واجبات كالصلاة والصيام وغيرهما، ويتضح من كلام الحنابلة في ذلك بأن المرأة تقوم بأداء الفرائض من الصلاة والصيام حيث إن ذلك من باب الاحتياط، وليس مرادهم أداءها للنوافل أيضا.

فالنوافل ليس فيها احتياط، ولأن الإنسان لا يأثم بتركها فلا حاجة للاحتياط فيها، والأصل أن هذا الدم دم حيض والفرائض يخشى على المرأة أن تأثم بتركها.

وذكر صاحب المغنى (143): أن الأحناف يقولون: لا اعتبار بالتمييز إنما الاعتبار بالعادة خاصة مستدلين بما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب لتصل فيه) (144).

2ـ معتادة غير مميزة:

وهي التي عبر دمها أكثر الحيض ولها عادة معروفة سابقة ولا يتميز بعضه من بعض وكذلك إن كان منفصلا إلا أن الدم الذي يصلح للحيض دون أقل الحيض أو فوق أكثره فهذه لا تمييز لها فإن كانت لها عادة قبل أن تستحاض جلست أيام عادتها واغتسلت عند انقضائها ثم تتوضأ بعد ذلك لوقت كل صلاة وتصلي.

وما زاد عن هذا القدر فهو استحاضة وهذا القول قول الحنابلة والشافعية والحنفية (145)، وقد خالفهم في ذلك المالكية حيث قالوا: لا اعتبار بالعادة إنما الاعتبار بالتمييز.

والقول بالعادة المعروفة مبني على ما ورد من نصوص صريحة، منها:

ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأن أم حبيبة: (امكثي قدر ما كنت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي) (146).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير