وما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش وقد اشتكت من استحاضتها: ( .. تترك الصلاة قدر أقرائها .. ) (147).
وما ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم فقال: (لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتستثفر ثم تصلي) (148).
والعادة على ضربين:
1ـ عادة متفقة:
وهي أن تكون أيامها متساوية كأربعة في كل شهر فإذا استحيضت جلست الأربعة فقط.
2ـ عادة مختلفة وهي نوعان:
أ ـ عادة مختلفة على ترتيب: كأن ترى في شهر ثلاثة، وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة، ثم تعود إلى ثلاثة إلى أربعة على ما كانت، فهذه إذا استحيضت في شهر وعرفت نوبته عملت عليه ثم على الذي يليه وهكذا على العادة (149).
وإذا نسيت نوبته حاضت على اليقين وهو ثلاثة أيام ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر.
وإن أيقنت أنه غير الأول وأصبح عندها شك هل هو الثاني أو الثالث؟ جلست أربعة؛ لأنها اليقين ثم تجلس من الشهرين الآخرين ثلاثة ثلاثة، ثم تجلس في الرابع أربعة ثم تعود على الثلاثة بعد ذلك. ويجزئها حينئذ غسل واحد عند انقضاء المدة التي جلستها كالناسية إذا جلست أقل الحيض؛ لأن ما زاد على اليقين مشكوك فيه.
ب ـ عادة مختلفة على غير ترتيب:
كأن تحيض من شهر ثلاثة، ومن الثاني خمسة، ومن الثالث أربعة فإن كان هذا يمكن ضبطه ويعتاده على وجه لا يختلف ولا يتغير فإنه يأخذ حكم المختلف على ترتيب.
إما إن كان غير مضبوط جلست الأقل من كل شهر وهي الثلاثة. إن لم يكن لها أقل منها، وتغتسل عقبه.
والمرأة لا تكون معتادة إلا عندما تعرف شهرها ووقت حيضتها وطهرها، وشهر المرأة عبارة عن المدة التي لها فيها حيض وطهر ويتضح لها فيه الأقل والأكثر فيهما.
والغالب أنه الشهر المعروف بين الناس، فإذا عرفت أن شهرها ثلاثون يوما وأن حيضها منه خمسة وطهرها خمسة وعشرون وعرفت أوله فهي معتادة.
وإن عرفت أيام طهرها وأيام حيضها فقد عرفت شهرها وإن عرفت أيام طهرها ولم تعرف أيام حيضها أو عرفت أيام حيضها ولم تعرف أيام طهرها فليست بمعتادة.
ومتى جهلت شهرها ردت إلى الغالب وحاضت من كل حيضة وذلك مثلما ترد في عدد أيام الحيض إلى ستة أيام أو سبعة أيام، لكون ذلك هو الغالب والعادة لا تثبت بمرة، وفي رواية عن الإمام أحمد أنها تثبت بمرتين، والراجح أنها تثبت بثلاث مرات لظاهر الأحاديث، ولأن العادة لا تطلق إلا على ما كثر، وأقله ثلاثة (150).
3ـ لها عادة وتمييز:
وهي من كانت لها عادة فاستحيضت ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة فيعمل بهما.
وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضا ففيه قولان:
أ ـ يقدم التمييز فيعمل به وتدع العادة، وهذا هو ظاهر مذهب الشافعي حيث يقول: (إن التمييز علامة في الدم وأمارة قائمة به وهو علامة حاضرة لكن العادة علامة قد انقضت) (151).
إلى جانب أنه خارج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني. ب ـ تقدم العادة لأنها قد ثبتت واستقرت، وصفة الدم بصدد الزوال، والنبي صلى الله عليه وسلم قد رد أم حبيبة والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أم لا؟ (152). وهو رواية عن الإمام أحمد.
فمن كان حيضها مثلا خمسا من أول شهر فاستحيضت فصارت ترى خمسة أسود ثم يصير أحمر ويتصل فالأسود حيض بلا خلاف؛ لأنه وافق زمن العادة والتمييز.
وإن رأت مكان الأسود أحمر ثم صار أسود وعبر سقط حكم الأسود لعبوره أكثر الحيض وكان حيضها هو الدم الأحمر؛ لأنه وافق زمن العادة.
وإن رأت المرأة مكان عادتها أحمر ثم خمسة ثم صار أحمر واتصل.
نقول: إن هذه المرأة تحيض بأيام عادتها وذلك على رأي من قدم العادة ويكون دمها الأسود وحده حيضا على رأي من قدم التمييز، ولا شك أن الأولى تقديم العادة على التمييز مادامت منضبطة؛ لأن النصوص ظاهرة في ذلك، والله أعلم.
4ـ ليس لها عادة ولا تمييز:
الناسية من لا عادة لها ولا تمييز
تنسى عددها تنسى وقتها تنسى وقتها المحيرة وهي التي
وتذكر وقتها وتذكر عددها وعددها حيرت الفقيه في
أمرها
¥