1ـ المرأة الناسية لزمن عادتها وموضعها من الشهر، والناسية أيضا عدد أيامها، يرى بعض أهل العلم أنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وهو غالب الحيض (153).
مستدلين بما روت حمنة بنت جحش قالت: (كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة فما تأمرني فيها؟ قد منعتني الصيام والصلاة. قال: (أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم).
قلت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سآمرك أمرين أيهما صنعت أجزأ عنك، فإن قويت عليهما فأنت أعلم، فقال لها: إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله .. ) (154).
والأخذ بهذا الرأي يتفق مع مبدأ التيسير الذي جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة، قال تعالى: [يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر] (155). وقال تعالى: [وما جعل عليكم في الدين من حرج] (156).
ويرى أصحاب هذا الرأي أن المرأة في هذه الحالة يجب عليها الغسل مرة واحدة فقط عند توقيف الدم ولا يلزمها الغسل لكل صلاة.
ويرى بعض الفقهاء أن الناسية لوقتها وعددها وهي المحيرة لها أن تتحرى ولها أن تختار، واختيارها يقع عن طريق الاجتهاد أو يكون من أول الشهر، لكن صاحب الإنصاف (ذكر أن ذلك ضعيف؛ لأنه يؤدي إلى أن لها الخيرة في وجوب العادة الشرعية وعدمه) (157).
وفي رواية للحنابلة: أنها تجلس أقل الحيض وهو يوم وليلة (158).
وذهب الشافعية إلى أنها تفعل ما تفعله المبتدأة مميز كانت أو غير مميزة كما سبق في الحديث عن المبتدأة (159).
وقد ذكر بعض أصحاب الشافعي: أن هذه المرأة تغتسل وجوبا لكل فرض (160).
وتصلي وتصوم ولا يأتيها زوجها، وقد استدلوا على وجوب الغسل بما روي عن عائشة رضي الله عنها: (أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل لكل صلاة) (161).
وليس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بالاغتسال لكل صلاة فلفظ رواية البخارية هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي) (162)
ولفظ رواية مسلم هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (استفتيت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض فقال: (إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي). فكانت تغتسل عند كل صلاة، قال الليث بن سعد: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي) (163).
فالأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع بإيجابه، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها كما مر في قوله: (إذا أدبرت فاغتسلي). وليس في هذا ما تقتضي تكرار الغسل.
أما الأحاديث الواردة في سنن البيهقي وأبي داود وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بالغسل فليس فيها شيء ثابت وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها قال الشافعي رحمه الله تعالى: (إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي ولم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولعل أن غسلها كان تطوعا) (164).
2ـ تنسى عددها وتذكر وقتها:
كالتي تعلم أن حيضها في العشر الأول من الشهر ولا تعلم عدده فهي في قدر ما تجلسه كالمتحيرة؛ تجلس ستا أو سبعا على أصح الأقوال، إلا أن تجلس من العشر دون غيرها.
فإن قالت: أعلم أنني كنت أول الشهر حائضا ولا أعلم آخره أو إنني كنت آخر الشهر حائضا ولا أعلم أوله، فإنها تحيض اليوم الذي علمته وتتم بقية حيضتها مما بعده في الحالة الأولى. وتحيض اليوم الذي علمته وتتم بقية حيضها مما قبله في الحالة الثانية.
فإن قالت: لا أعلم هل كان ذلك أول الحيض أو آخرها، أحيلت إلى التحري، أو مما يلي أول الشهر.
3ـ تنسى وقتها وتذكر عددها:
وهذه لها حالات أبينها فيما يلي:
أ ـ قد لا تعلم لها وقتا أصلا مع معرفتها لعدد أيام الحيض كخمسة أيام من كل شهر من أوله أومن آخره أو بالتحري (165).
¥