تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجنين يمر بثلاث مراحل في بطن أمه بينهما القرآن الكريم في قوله تعالى [يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم] (200).

وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه المراحل في حديثه الذي رواه عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم ليجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتب أربع كلمات: رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد .. ) (201).

ولقد حاول الأطباء أن يضعوا مصطلحات ومسميات طبية لكل مرحلة من هذه المراحل بألفاظ غير واردة بالآية والحديث فلم يجدوا ألفاظ تتناسب وهذه المراحل إلا الكلمات في الآية والحديث، وهذا يدل دلالة واضحة على إعجاز القرآن وفصاحته ويدل أيضا على فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتى جوامع الكلم والذي لا ينطق عن الهوى.

والنطفة: هي: القليل من الماء أو القطرة.

والعلقة: تحول هذه النطفة إلى قطعة من دم جامد.

والمخلقة: هي: أن تكون غير مستبينة الخلق وغير ظاهرة التصوير.

فالمدة الزمنية التي يستقر بها الجنين في الرحم مائة وعشرون يوما ولا تنفخ فيه الروح

إلا بعد انتهاء هذه المدة (202).

وأقل ما قال به أهل العلم أنه يتخلق به الإنسان هو واحد وثمانون يوما، فإذا تخلق كان له حكمه.

حكم السقط:

يرى الشافعية أن الدم الخارج عقيب الولادة نفاس، حتى ولو كان الملقى علقة أو مضغة (203).

ويرى الأحناف: أن السقط الذي تبين بعض خلقه تصير به المرأة نفساء؛ كأن تظهر له يد أو رجل أو أصبع أو أظفر، وكذلك كل ما يدل على تشكيل فيه أو تخطيط.

أما إذا لم يظهر فيه شيء فلا تصير المرأة به نفساء، ويكون حيضا إن دام ثلاثا وتقدمه طهر تام وإلا فهو استحاضة (204).

ويرى الحنابلة: أن المرأة إذا رأت الدم بعد وضع شيء يتبين فيه خلق الإنسان فهو نفاس، وإن رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة فليس بنفاس.

وإن كان الملقى مضغة لم يتبين فيها شيء من خلق الإنسان ففيها قولان:

1ـ إن هذا الدم نفاس، لأنه بدء خلق آدمي فكان نفاسا كما لو تبين فيها خلق آدمي.

2ـ ليس بنفاس؛ لأنه لم يتبين فيها خلق آدمي فأشبهت النطفة (205).

والغالب أنه إذا تم للحمل تسعون يوما تبين فيه خلق الإنسان، وعلى (*).

هذا إذا وضعت لتسعين يوما فهو نفاس على الغالب وما قبل التسعين يحتاج إلى تثبت؛ لأنها لا تكون مضغة إلا بعد الثمانين.

والمضغة قسمها الله إلى مخلقة وغير مخلقة.

وإذا أسقطت لأقل من ثمانين يوما فلا نفاس، والدم حكمه حكم سلس البول (206).

الولادة الجراحية

إذا ولدت المرأة بعملية جراحية وهي ما تسمى بالولادة القيصرية ولم تر دما فلا تكون نفساء وإنما ذات جرح.

لكن يثبت لها بهذه الولادة انقضاء العدة، وتصير الأمة أم ولد، ولو علق طلاقها بولادتها وقع لوجود الشرط.

وإذا ولدت بهذه الطريقة ونزل الدم من فرجها فإنها تصير نفساء؛ لأنه وجد خروج

الدم من الرحم عقيب الولادة (207).

ومتى ولدت المرأة ولم تر دما أبدا عقيب أو أثناء الولادة فهي طاهر، سواء كانت الولادة من الفرج وهي الولادة الطبيعية أو من البطن بالعملية الجراحية (208).

أكثر النفاس

يرى الأحناف أن أكثر النفاس أربعين يوما، وما زاد على الأربعين فهو استحاضة بالنسبة للمبتدأة (209).

وللمالكية في أكثر النفاس قولان:

أ ـ أكثر ستون يوما على المشهور.

ب ـ تسأل النساء وأهل المعرفة فتجلس أبعد ذلك.

وقال ابن الماجشون: لا يسأل النساء عن ذلك لتقاصر أعمالهن وقلة معرفتهن (210).

واتفق الشافعية على أكثره ستون يوما و أغلبه أربعون (211).

وللحنابلة في أكثر النفاس ثلاثة أقوال:

أ ـ أكثره أربعون يوما.

ب ـ أكثره ستون يوما (212).

جـ ـ لا حد لأقله ولا حد لأكثره، ولو زاد على أربعين أو الستين أو السبعين وانقطع فهو نفاس، والأربعون هي الغالب، وهذا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية (213).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير