تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا شك أن الأولى المبادرة بالقضاء براءة للذمة وأداء للواجب، وكيف تطيب نفس المؤمن أن يؤخر قضاء الواجب لاسيما وأنه ستمر عليه أيام فاضلة يستحب صيامها، وهل سيصوم النفل مع وجوب الفرض عليه أو أنه سيترك صيام النفل طوال العام لأن عليه صياما واجبا، ولعل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عذرا خاصا في هذا التأخير. والله أعلم.

حكم التتابع في قضاء رمضان:

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

1ـ أن التتابع شرط، ولا يجوز القضاء إلا متتابعا. وهو قول النخعي والشعبي وغيرهم (269).

2ـ أنه مستحب ولا يجب ويجزئ متفرقا، فإن أخرت القضاء إلى شعبان وبقي من الوقت بقدر ما عليها من قضاء وجب التتابع، وهو قول جمهور الفقهاء (270).

والذي يظهر أن التتابع ليس بواجب بل الأمر فيه سعة، والحمد لله والمنة.

3/أعمال الحج:

اتفق الفقهاء على أن المرأة الحائض تؤدي جميع المناسك وهي حائض إلا الطواف (271)؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: (مالك؟ لعلك نفست؟ قلت: نعم، قال: (هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعله الحاج غيرأن لا تطوفي بالبيت .. ) (272).

والنفساء إذا نفست في اليوم الثامن من ذي الحجة فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك ويبقى عليها الطواف، والسعي تؤجله حتى تطهر، فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت وطافت وسعت.

وليس لأقل النفاس حد محدود فقد تطهر في عشرة أيام أو اقل من ذلك أو أكثر لكن نهاية الدم أربعون فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات تغتسل وتصلي وتصوم، وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح دم فساد تصلي معه وتصوم وتتوضأ لكل صلاة.

وتحل لزوجها، لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس بأن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وصومها وصلاتها وحجها صحيح ولا يعاد منه شيء.

وتمنع الحائض والنفساء من الطواف ليس لحرمة البيت فحسب؛ بل لأن الطواف أشبه بالصلاة فهو عبادة لا تصح بدون طهارة على الصحيح من كلام أهل العلم؛ لذا لا بد أن تنتظر حتى تطهر.

ولكن إذا عجزت الحائض ومن فى حكمها عن هذا الشرط يسقط عنها ويصح الطواف.

يقول ابن تيمية رحمه الله (**):إن الحائض إذا لم تستطع أداء الطواف إلا بالحيض فقد صح طوافها و لاشيء عليها؛ لأن أصول الشريعة مبنية على أن ما عجز عنه العبد من شروط العبادات يسقط عنه، كما لو عجز المصلي عن ستر العورة واستقبال القبلة أو تجنب النجاسة، فإنه يصلي على حسب حاله، والصلاة أعظم من الطواف فيكون الطواف إذا أولى بإسقاط شرائطه عند العجز عنها، وينبغي للحائض إذا طافت أن تغتسل وتستثفر أي تستحفظ كما تفعله عند الإحرام.

وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم عن الحائض طواف الوداع كما أسقط عن أهل السقاية والرعاية المبيت بمنى لأجل الحاجة ولم يجب عليهم دم فإنهم معذورون في ذلك، فكذلك الحائض معذورة في حيضها فلا يجب عليها دم لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها (273).

وإن كان مثل هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين وذلك لأن أمراء الحج في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحتبسون للحيض حتى يطهرن ويطفن، عن عائشة رضي الله عنها: أن صفية بنت حيي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحابستنا هي؟) فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلتنفر) (274).

فكانت الطهارة مقدورا عليها في عهده صلى الله عليه وسلم لانتظار الركب حتى تطهر وتطوف، ولكن اختلفت الأزمان وتعذر في كثير من الأحيان إقامة الركب لأجل الحيض.

وعلى كل فالرخصة في حال الضرورة فقط كمن لا تستطيع العودة لمكة ولا تستطيع البقاء فيها إلى أن تطهر، أما من تستطيع ذلك فيحرم عليها أن تدخل البيت وأن تطوف وهي حائض.

واعترض البعض على هذا الأمر وقال: إن هناك عدة طرق يمكن للحائض اتباعها تغنيها عن الطواف وهي حائض ومنها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير