1ـ ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لعبد الله بن عمر حين طلق امرأته في حال الحيض: (يا بن عمر، ما هكذا أمر الله إنك قد أخطأت السنة ... ) (295).
2ـ طلاق الحائض في حال الحيض تطويل لعدتها؛ لأن الحيضة التي وقع فيها الطلاق غير محسوبة من العدة وهذا إضرار بها، وقد ثبت ذلك بقوله تعالى: [فطلقوهن لعدتهن] (296)، وقال العلماء: إن النهي عن الطلاق إنما هو أمر تعبدي غير معقول المعنى (297).
الحكمة من منع الطلاق البدعي:
اختلف الفقهاء في علة منع الطلاق البدعي:
فقال الأحناف: إن علة المنع أمران:
1ـ عدم تطويل العدة.
2ـ لئلا يكون في زمن الفتور.
فتطويل العدة فيه ضرر على المرأة؛ لأنه إذا طلقها في الحيض ولم تحتسب هذه الحيضة فستطول العدة بدون فائدة سوى طول المقام وهذا الإضرار لا يجوز وإذا أراد الاحتراز عنه فليؤخر الطلاق إلى آخر الطهر الذي لم يجامعها فيه (298).
أما لكونه حال الفتور والزهد فلأن الطلاق إنما أبيح للحاجة، والطلاق للحاجة لا يكون في زمن الرغبة عنها، وزمان الحيض لا رغبة فيه فلا يكون الإقدام على الطلاق فيه دليل حاجة إلى الطلاق (299).
ويرى الشافعية: أن العلة هي إضرار الزوجة بتطويل العدة.
وقال النووي: إن سألته الطلاق في الحيض لم يحرم لرضاها (300).
وقال الحنابلة: العلة تطويل العدة، وخالفهم أبو الخطاب في أنها لكونه في زمن رغبته عنها (301).
وللمالكية في ذلك قولان:
1ـ أن علة المنع عدم التطويل واستدلوا على ذلك بجواز طلاق الحامل في الحيض، جواز طلاق غير المدخول بها في الحيض.
2ـ المنع ليس بمعلل؛ لأنه أمر تعبدي واستدلوا على ذلك بمنع الخلع في الحيض مع أنه جاء بناء على طلب الزوجة، ومنع الطلاق في الحيض ولو رضيت بذلك الزوجة (302).
هل يقع الطلاق البدعي
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
1ـ جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد ابن حنبل، هؤلاء يرون وقوع الطلاق البدعي (303).
2ـ الظاهرية وطاوس ورواية عن الإمام أحمد واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (304)، وهؤلاء يرون عدم وقوع الطلاق البدعي ومنه الطلاق الذي يقع في الحيض.
أدلة القائلين بعدم الوقوع:
من القرآن:
قول الله تعالى: [يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة] (305).
وجه الاستدلال: أن المطلق في حال الحيض لا يكون مطلقا للعدة؛ لأن الطلاق المشروع المأذون فيه أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه فلا تحرم به والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه والفاسد لا يثبت حكمه (306).
من السنة:
عن عبد الرحمن مولى عروة أنه سأل ابن عمر ــ وأبو الزبير ــ يسمع ــ: كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا؟ فقال ابن عمر: طلق ابن عمر امرأته وهي حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردها علي ولم يرها شيئا، وقال: إذا طهرت فليطلق إذا شاء أو ليمسك) (307).
وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن] (308).
وجه الاستدلال: الحديث صريح في أن الطلاق لا يقع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الطلقة شيئا، والآية تأمر بالطلاق حالة أن تكون المرأة مستقبلة العدة وهذا لا يكون في الحيض (309).
من العقل:
أن الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه بدعة، وقد اتفق الجميع على ذلك فكيف يجوز الحكم بتجويز البدعة (310).
أدلة القائلين بوقوع الطلاق البدعي ونفاذه وهم الجمهور من الفقهاء:
من القرآن:
قوله تعالى: [الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان] (311).
وقوله تعالى: [فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره] (312).
وقوله تعالى: [والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء] (313).
وجه الاستدلال: أن الآيات بعمومها تدل على وقوع الطلاق في أي وقت ممن له وقوعه، ولم تفرق بين أن يكون الطلاق في حال حيض أو طهر ولم يخص حال دون حال، فوجب أن تحمل الآيات على عمومها ولا يجوز تخصيصها إلا بالكتاب أو السنة أو الإجماع ولا يوجد ما يخصصها (314).
من السنة:
¥