تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المنكر لا يصح دون إيمان، إلا أنه من أجل أننا فضِّلنا به على سائر الأمم قُدِّم، وإلا فالأمم السابقة كلهم يؤمنون بأنبيائهم، يعني من كُتب له اتباع الأنبياء فإنهم يؤمنون.

أيضًا هناك أعمال خاصة على طالب العلم أن يلتزمها؛ ليُعان على طريقه ومسيرته في طلب العلم:

يستعينُ بقراءة القرآن على الوَجْه المأمور به بالتدبُّرِ والتَّرتيلِ، وأيضًا يُكْثِر مِن تلاوةِ القرآن لِيحصلَ على الأُجورِ العظيمة، فبِكلِّ حرفٍ عشْرُ حسناتٍ [41]، فالإنسانُ في ربعِ الساعةِ يقرأُ جزءًا يحصلُ له مائةُ ألفِ حسنةٍ، وليكثرْ مِن هذا، ويجعلْ له وقتًا للتدبُّر والنظرِ في كتاب الله والاعتبار ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ? [القمر: 17]، لا بد أن نعتبر، ولا بد أن نتذكَّر، لا بد أن نذكِّر أنفسنا، ونذكِّر غيرَنا بالقرآنِ ? فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ? [ق: 45]، لكنْ مَن الذي يتذكَّرُ؟ هو الذي يخافُ الوعيدَ، أما الإنسانُ الغافلُ الساهي اللاهي، فنَصيبُه من هذا قليلٌ، ومع الأسفِ نَرى البعضَ مِمَّن ينتسبُ إلى طلبِ العلمِ عندَه شيءٌ من الجفاء بالنسبة للقرآن، فتجده إذا تيسَّر له أن يَحضُرَ إلى المسجدِ قبلَ الإقامة، ويصليَ الركعتين إن بقيَ وقتٌ، أخذَ مصحفًا، وقرأ ما تيسر؛ ورقةً أو ورقتينِ، ويكونُ القرآنُ عنده - على ما يقول الناس -: على الفرغة؛ إن وَجد وقتًا قرأ، وإلا فلا.

فهذه مشكلةٌ يُعايِشُها كثيرٌ من طلابِ العلم، حتى مِن الحُفاظ، بعضُ الطلاب إذا ضَمِن حِفْظَ القرآن يشعر أنه قد قام بدوره وانتهى منه، نقول له: لا يا أخي، الآنَ جاء دورك، الآن جاء دور التلاوة التي يترتَّب عليها أجرُ الحروف، وجاء دورُ الترتيل والتدبرِ والاستنباطِ والتذكُّرِ والتذكيرِ بالقرآن، الآن جاء دوره، فأهلُ القرآن لهم هذه الخاصَّةُ، هم أهلُ الله، وهُم خاصَّتُه [42]، وينبغي أن يُعْرَفوا بما لا يُعرفُ به غيرُهم - كما قال ابنُ مسعود - يُعرف بصيامه، يُعرف بصَلاته، يُعرف بقيامه، يعرف بتلاوته، يعرف بنفعه الخاصِّ والعامِّ، يُعرَفُ بإقباله على الله - جلَّ وعلا - إذا غفَل الناسُ، فصاحِبُ القرآن له شأن عظيم.

أيضًا مما يوصَى به المسلمُ عمومًا: لا يزالُ لسانُه رطْبًا بذكر الله - جل وعلا -[43] والذِّكْر لا يكلِّفُ الإنسانَ مشقةً، فإن قال: "سُبحانَ الله وبحمده" مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثلَ زبَدِ البحر [44]، فقولك: "سبحانَ الله وبحمده" مائة مرة بالتجربة تحتاج إلى دقائقَ يسيرةٍ، فليس علينا الآصارُ والأغلال التي كانت على مَن قبلنا، كأنْ يأخذَ الإنسانُ سيفًا ويقتلَ نفسَه لِيتوبَ الله عليه [45]، ما يلزمنا هذا، دقائق يقول: "سبحان الله وبحمده"، حُطت عنه خطاياه وإن كانت مثلَ زبد البحر.

وهناك أيضًا لزوم الاستغفار، وللاستغفارِ فوائدُ جليلة؛ فإن له دورًا في انشراح النفس، وطيب العيش، وكثرة المال والولد، والبركة في الرزق.

وأيضًا من يقول: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير - عشرَ مرات، كمن أعتق أربعةً مِن ولَدِ إسماعيلَ)) [46]، عشر مرات تقال في زمن يسير، مائة مرة ولا يكون أحد مثله، إلا إذا أتى بمثل هذا الذِّكر أو زاد، حرزٌ من الشيطان، ومائة درجة، ويُمحى عنه مائةُ سيئة، وكمن أعتق عشَرةً مِن ولد إسماعيل [47]، أُجورٌ عظيمة بأعمال يسيرة، أما الحرمان فعاقبتُه وخيمة.

مثلاً تجد كثيرًا من الناس إذا ذهب إلى أمرٍ من الأمور ووجد صاحب الأمر غير موجود، يُقال له: واللهِ خرج إلى مصلحة، يأتي بعد ربع الساعة مثلاً؛ ربع الساعة خمس عشرة دقيقة، هذه أثقلُ عليه في الانتظار مِن خمس عشرة سنة، تجده يتوهَّج ويتأسف ويتألم، فيخرج ويدخل، وينتظر هنا، لماذا؟ ما عوَّد نفسه على الذِّكْر، فلو شرع في قراءة جزءٍ من القرآن في ربع الساعة هذه، ألَنْ يودَّ أن يتأخَّر صاحبُه حتى يكمل هذا الجزء؟ إذا كان له وِرْدٌ ونصيب يوميٌّ من القرآن، ألن يتمنى أن تتأخر الإقامةُ قليلاً حتى يكْملَ قراءته؟ هذا هو الحاصل يا إخواني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير