تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول مسألة:كون بين الأذان الأول والأذان الثاني دقائق يوم الجمعة في الحرم المكي]

ـ[أبو إياس الرشيد]ــــــــ[12 - 08 - 10, 01:13 ص]ـ

كون بين الأذان الأول والأذان الثاني دقائق يوم الجمعة في الحرم المكي غير مشروع

صليت في المسجد الحرام يوم الجمعة وعند دخول وقت الظهر وقبل دخول الخطيب بدقائق (خمس دقائق تقريباً) أذن المؤذن وما إن انتهى من الأذان حتى قام أكثر المصلين لأداء ركعتين ثم دخل الخطيب فسلم ثم أذن مرة أخرى.

فأشكل عندي أن الأذان الأول يوم الجمعة الذي زاده عثمان رضي الله عنه كان في وقت مبكر ليتجهز الناس للصلاة وليس قبل دخول الخطيب بدقائق فبحثت عن ذلك فوجدت كلاماً نفيساً للمفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى يذكر أن ذلك غير مشروع وأنه تم مخاطبة الجهة المعنية في ذلك حيث سئل السؤال التالي:

السؤال: هل كان الأذان الأول في عهد عثمان رضي الله عنه يرفع قبل الأذان بنحو ساعة كما يُفعل في بعض مساجد الجُمعة عندنا ... أم أنه قريبٌ من الأذان الثاني كما هو حاصل في الحرم؟

فأجاب: الذي يظهر أن عثمان رضي الله عنه لما سن الأذان الأول يوم الجمعة سنه لأجل تنبيه الناس وتذكيرهم ليوم الجمعة ليستعدوا ويتهيئوا بالغسل ويتخففوا من بيعهم؛ فالذي يظهر أن وقته كان مبكرا. وفي بلادنا يضعون غالبا ساعة بين الأذان الأول والثاني. أما ما يفعل في الحرمين من كون الأذان الأول والثاني ليس بينهما سوى دقائق فشيخ الإسلام ابن تيمية يقول هذا غير مشروع، ويرى أن هذا لا يؤذي غرضه فإن هذا الأذان الأول والثاني متقاربان ما هناك شيء ينفع لأنه يؤذن ثم يقومون فيصلون ثم يؤذن الثاني، وشيخ الإسلام يبحث موضوع قيام المصلين في الحرم إذا جاؤوا قبل الوقت وصلوا تحية المسجد وما يسر الله ثم جلسوا يتلون القرآن ويذكرون الله وينتظرون الصلاة أذن الأذان الأول فقام الناس يصلون يقول هذه الصلاة لا أصل لها لمن صلى وجلس وأما المواصل فلا شيء عليه لأن الجمعة لا صلاة لها قبلها وإنما السنة لها أن تكون بعدها؛ فالسنة أن يكون بين الأذان الأول والثاني مقدار ما يحصل به التنبيه.

وهيئة كبار العلماء قد أرشدوا إلى أن يكون أذان الحرمين الأول والثاني أن يكون بينها وقت مناسب يؤخذ بالتدريج ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير.

قاله: مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

ثم وجدت كلاماً للشيخ عبدالله بن منيع حفظه الله تعالى في أحدى الصحف حيث يقول:

من المعلوم أن النداء ليوم الجمعة كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نداء واحدا حينما يرقى صلى الله عليه وسلم خطيبا، ثم بعد فراغه من الخطبتين تقام الصلاة، وهذا يسمى في الاصطلاح (النداءان)، نداء لدخول وقت الصلاة وآخر لإقامة الصلاة، وبعد أن كثر سكان المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، رأى ضرورة إيجاد نداء ثالث وهو نداء ثان يشعر بقرب دخول وقت الجمعة، وهذا يسمى النداء الأول، والفارق بينه وبين النداء الثاني الذي يؤذن فيه المؤذن عند رقي الإمام منبر الجمعة -زمنيا- لا يقل عن ثلث ساعة لأن بلال رضي الله عنه (مؤذن المسجد النبوي) كان يؤذن وهو في محل مرتفع في المناخة، ثم بعد ذلك ينزل ويأتي من المناخة إلى أن يستقر في المسجد نفسه، ثم بعد ذلك يأتي الإمام فيؤذن النداء الثاني، وهذا يعني وجود فارق بين النداءين.

وقال فضيلته: أما الآن فليس هناك شيء من هذا موجود، فينبغي أن يعلم أن جميع الأحكام الشرعية مبنية على علل وأحكام وأسرار ومقاصد، فنحن حينما ننظر الآن في الآذان الذي هو موجود في المسجد الحرام والمسجد النبوي، نجد أن الأذانين ليس بينهما فارق زمني إلا بضع دقائق، وقد تصل الى خمس دقائق، وهذا يعني أن النداء الأول ليست له حكمة ولا مقصد؛ لأن المقصد الحقيقي من هذا النداء هو إعلام بقرب دخول الوقت لأجل أن يقوم من سمع هذا الآذان فيذهب إلى بيته، ويتهيأ للصلاة بالاغتسال ولبس أحسن ثيابه والتهيؤ للصلاة.

وشدد فضيلته على أن يكون بين النداءين ما يكفي للتهيؤ للصلاة نفسها، قائلا: أما الآن فليس للأذان الأول قيمة ولا اعتبار ولا حكمة ولا مقصد ولا سر في ذلك، وبناء على ذلك فنحن نقول يجب على رئاسة شؤون الحرمين أن يعملوا على إيجاد فارق زمني لا يقل عن ربع ساعة في ما بين النداءين، حتى يكون للنداء الأول مقصد ويكون للنداء الثاني مقصد آخر وهذا الذي ينبغي.

وسئل ابن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي:

ألاحظ أثناء صلاة الجمعة في الحرمين الشريفين قيام بعض المصلين لأداء ركعتين بعد فراغ المؤذن من النداء للأذان الأول، أرجو من سماحة الوالد بيان الحق في هذا الفعل؟ جزاكم الله خيراً وأطال عمركم على طاعته.

فأجاب:

لا أعلم في الأدلة الشرعية ما يدل على استحباب هاتين الركعتين؛ لأن الأذان المذكور إنما أحدثه عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته لما كثر الناس في المدينة، أراد بذلك تنبيههم على أن اليوم يوم الجمعة، وتبعه الصحابة في ذلك، ومنهم علي رضي الله عنه واستقر بذلك كونه سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ"، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى شرعية الركعتين بعد هذا الأذان. لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء"

والأظهر عندي أن الأذان المذكور لا يدخل في ذلك. لأن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بالأذانين: الأذان والإقامة فيما عدا يوم الجمعة، أما يوم الجمعة فإن المشروع للجماعة أن يستعدوا لسماع الخطبة بعد الأذان.

والله ولي التوفيق

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. المجلد الثاني عشر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير