تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحل الأمثل للذنوب: كيف تتعايش مع ذنوبك]

ـ[حامد الإدريسي]ــــــــ[20 - 08 - 10, 07:04 م]ـ

كيف تتعايش مع ذنوبك

نتحدث عن أمراضنا المزمنة، ذنوبنا التي أصبحت جزءا منا، واندرجت ضمن عاداتنا التي لم نعد نقدر على التخلي عنها، لأننا حاولنا مرارا ولم نفلح في ذلك، وكلما تذكرناها أو وقعنا فيها، شعرنا بذلك الشعور المحبط الذي يستيقظ بين الفينة والأخرى، فنحس بأننا مستسلمون لقيادها، ضعفاء أمام جاذبيتها، وننظر فنرى الهوة المفزعة التي تحدثها هذه الذنوب بيننا وبين ديننا وقيمنا ...

قد يكون شرب الدخان واحدا من هذه الأمراض المزمنة، وقد يكون المرض شيئا أكبر من ذلك وأشد، أو قد يكون أصغر وأقل خطرا، وقد يكون ذنبا فرديا نمارسه في خلواتنا، أو سلوكا جماعيا يقحمنا فيه المجتمع إقحاما، وتفرضه علينا علائقنا الاجتماعية، ولو مثلت بالغيبة وأكل نبات القات لما أبعدت ...

الذنوب التي نتكلم عنها تحديدا، والتي نحاول التعايش معها، هي ذنوب لها صفة الإدمان، بحيث أن الإقلاع عنها أمر شاق على النفس، فهي تغذي نفس الإنسان وتعطيها نصيبها من الخطأ وجرعتها من المعصية التي لا ينفك عنها بشر، بحيث تصبح مقدار ما يحتاج إليه ليرضي بشريته، وليحس بشيء من ذلك التمرد الذي يغذي غروره ودلاله على ربه (إن الإنسان لربه لكنود، وإنه على ذلك لشهيد)

وقبل أن نسرح في الموضوع، أحيي الثلة القليلة من الآخرين، السابقين السابقين (الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) فأولئك عن مقالتي مبعدون، وأرحب بالذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، عسى الله أن يتوب علينا وعليهم، (إن الله هو التواب الرحيم).

إن ضرورة الوقوع في الذنب هي أمر جبل الله عليه الثقلين من الإنس والجن، ولم يعصم منه إلا ملائكته المقربين، وأنبياءه المجتبين، على أن الراجح في عصمة الأنبياء أنهم يحصل منهم الذنب الخفيف لكنهم لا يقرون عليه، فعصمتهم عصمة إقرار لا عصمة وقوع، كما قال العلماء، وحملوا عليه قوله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر).

إذن لا يمكن أن نتصور إنسانا بغير ذنوب، ولا يعقل هذا، بقي أن هذه الذنوب منها ما يقع فيه الإنسان مرارا، ومنها ما يقع فيه بين الفينة والأخرى، وهذه التي يقع فيها باستمرار هي التي نريد أن نطرح حلولا عملية للتعايش معها، حتى لا تؤثر على الإحساس الديني لدى الشخص، وحتى يتمكن من التملص منها شيئا فشيئا دون أن يحس باليأس والإحباط في مواجهتها.

إن تعايشنا هنا، هو تعايش مع عدو لا نستطيع طرده، ومع مرض مستعص لا نملك استئصاله، وهو محاولة في حصر ضرره، وكفاية شره، وقد يقول قائل إن كان الإنسان قد وقع في المعصية، فماذا بعد ذلك، وأي شر يخاف من الذنب بعد الوقوع فيه واقترافه، وأي سوء يحذره وقد ولغ في ما حرم الله عليه، فأقول له: إن هناك آثارا للإصرار على الذنوب قد تكون في بعض الأحيان شرا من الذنوب نفسها، وأذكر لك منها:

اليأس من التوبة: فيصير الذنب حالة طبيعية لا تستدعي من المذنب ندما أو استغفارا، بل لربما شعر بالحاجة إلى الاستغفار إن هو وقع في ذنب آخر، لكنه مع ذلك الذنب بالذات، لا يحس بالدافع إلى التوبة ولا بالباعث لها، فالذنب المألوف أصبح عادة لا تستثير أي خوف أو قلق لديه، لأنه يئس من التوبة من ذلك الذنب بالخصوص، بعد أن حاولها مرارا ولم يستطعها، فتجده استغفر ثم استغفر، ثم تاب وندم، ثم عزم أن لا يعود، ثم عاهد ربه على أن لا يرجع، ومع ذلك يعود بعد كل توبة، ويسقط بعد كل محاولة نهوض، فييأس من التوبة ويقع فيما هو شر من ذنبه وأعظم من جرمه لأنه: (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، وهذا ما يجعل الشيطان ينتقل من هذه المعركة إلى معركة أخرى، فإلفك الذنب يفتح للشيطان بابا آخر لينقلك إلى ذنب غيره، ويمرغك فيه حتى تألفه هو كذلك، ثم ينتقل بك إلى ذنب آخر، وهكذا دواليك، حتى تصير كالعصف المأكول، تقلبك الريح في فلاة المعصية يمنة ويسرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير