تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أكل الحلال وحلاوة المناجاة للدكتور عبدالعزيز عبداللطيف]

ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[29 - 08 - 10, 06:48 ص]ـ

أكل الحلال وحلاوة المناجاة

د. عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف ( http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/654/)

يُقال: إنَّ الحَجَّاج بن يوسف لَمَّا ولي العراق، وكان أهله لا يتولَّى عليهم أحدٌ يشوش عليهم إلا هلَك سريعًا بدعائهم عليه، فأمَرَهم الحجاج أنْ يأتي كلُّ واحد منهم ببيضة دجاجة، ويضعها في صحْن الجامع، وأراهم أنَّ له بذلك ضرورة، فاستخفُّوا ذلك منه ففعَلوا، ثم أمَرَهم بعد ذلك أنْ يأخذ كلُّ واحدٍ عين بيضته، وأراهم أنْ قد بدا له الرجوع عمَّا أراده، فلمَّا أخذوا ذلك لم يعلم كلُّ واحدٍ منهم عينَ بيضته، فلمَّا علم الحجَّاج أنهم تصرَّفوا في ذلك مَدَّ يده إليهم، فدعَوا عليه على عادتهم فمُنِعوا الإجابة [1] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn1#_ftn1).

قال ابن الحاج (ت 737هـ) مُعلِّقًا على تلك الحادثة: "ولأجل هذا المعنى كَثُرت المظالم اليوم، وكَثُر الدعاء على فاعلها وقلَّت الإجابة أو عدمت ... فلو سلم بعضهم من مثْل هذه الحال ودعا، لاستُجِيب له عاجلاً" [2] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn2#_ftn2).

ولقد احتَفَى أهل السُّنة بأكْل الحلال تقريرًا وتحقيقًا، حتى أثبَتُوه في عقائدهم؛ يقول الفضيل بن عِياض: "إنَّ لله عبادًا يُحيِي بهم البلاد والعباد، وهم أصحاب سُنَّة، مَن كان يعقل ما يدخُل جوفه من حِلِّه كان في حزب الله تعالى" [3] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn3#_ftn3).

قال ابن رجب معلقًا على عبارة الفضيل: "وذلك لأنَّ أكْل الحلال من أعظم الخِصال التي كان عليها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه" [4] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn4#_ftn4).

ووَصَف شيخُ الإسلام الصابوني أهلَ الحديث والسُّنة أنهم يتواصَوْن بالتعفُّف في المآكِل والمشارب، والمنكح والملبس، وكذا قرَّره قِوام السُّنة الأصفهاني [5] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn5#_ftn5).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله طيِّب لا يَقبَل إلا طيبًا، وإنَّ الله - تعالى - أمَر المؤمنين بما أمَر به المرسلين، فقال: ? يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ? [المؤمنون: 51]، وقال - تعالى -: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ? [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجل يُطِيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يدَيْه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومَطعَمه حَرام، ومَشرَبه حَرام، ومَلبَسه حَرام، وغُذِي بالحرام، فأَنَّى يُستَجاب لذلك؟!)). [6] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn6#_ftn6).

ومن شُروحات ابنِ رجب لهذا الحديث قوله: "مِنْ أعظَم ما يحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب مطعمه، وأنْ يكون من حلال، فبذلك يزكو عمله ... وفي الحديث إشارةٌ إلى أنَّه لا يُقبَل العمل ولا يزكو إلا بأكْل الحلال، وأنَّ أكْل الحرام يُفسِد العمل، ويمنع قبولَه ... فالرسل وأُمَمهم مأمورون بالأكل من الطيِّبات التي هي الحَلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حَلالاً فالعمل صالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً؟! " [7] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn7#_ftn7).

والمقصود أنَّ على الداعي أنْ يتحرَّى أكْل الحلال، ويَتورَّع في مطعمه ومشربه؛ فإنَّ هذا من آكَد آداب الدعاء، بل هو من شروط الدعاء المُستَجاب [8] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn8#_ftn8).

إنَّ من أجَلِّ آداب الدعاء إظهارَ الافتِقار إلى الله، والانطِراح والانكِسار بين يديه - سبحانه - وكما قال سهل التُّستَرِيُّ: "ليس بين العبد وبين ربِّه طريقٌ أقرب إليه من الافتقار" [9] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn9#_ftn9).

وكلَّما ازداد الشخص عبوديَّةً وافتِقارًا إلى الله ازداد كمالُه وعَلَتْ درجته؛ فأكرَمُ ما يكون العبد على الربِّ - سبحانه - أحوَجُ ما يكون إليه، وأمَّا الخلق فأهوَنُ ما يكون عليهم الشخص أحوجُ ما يكون إليهم [10] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24785/#_ftn10#_ftn10).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير