تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من مُلَحِ الرُّدُود.! رد الشيخ محمد البشير الإبراهيمي على عبد الحي الكتاني!

ـ[أبو حفصة المراكشي]ــــــــ[25 - 08 - 10, 03:46 ص]ـ

قال رحمه الله في كتابه:عيون البصائر، صفحة:602 فما بعدها ... تحت عنوان: عبد الحي الكتاني:ما هو؟ وما شأنه؟

في لغة العرب لطائف عميقةُ الأثر، وإن كانت قريبةً في النظر؛ منها التسمية بالمصدر والوصفُ به؛ يذهبون بذلك إلى فجٍّ من المبالغة سحيق، تقف فيه الأذهان حسْرَى، ويُغالَط به الحسُّ فيتخيل ذَوَبَان الموصوفِ وبقاءَ الصفة قائمةً بذاتها؛كانَّ الموصوف لكثرة ما ألحَّتْ عليه الصفة وغلبَتْ أصبحَ هو هي أو هو إياها؛وعند الخنساء الخبرُ اليقين حين تقول:

*فإنما هي إقبال وإدبار*

وعلى هذا يقال في جواب ما هو عبد الحي؟ هو مكيدة مدبرة، وفتنة مُحَضّرة؛ ولو قال قائل في وصفه:

شَعْوذَةٌ تخْطِرفي حِجْلينِ ... وفتنة تَمشي على رجلََيْنِ.

لأراح البيان والتحليل، كما يقول شوقي؛ ولعفَّى على أصحاب التراجم، من أعاريبَ وأعاجم، ولأتى بالإعجاز؛في باب الإيجاز؛إذ أتى بترجمة تُحْمَلُ ببرقيَّة، إلى الأقطار الغربية والشرقية، فَيَعُمُّ العلم، وتنشر الإفادة، وتذيع الشهرة ... ولو أنّ الرجل وصف نفسَه وأنْصَفَ الحقيقة في وصفها لما زاد على هذا البيت؛ ولو شاء (تخريج الدلالات السّمعية) (وهو كتاب في أصول الوضائف الشرعية للخزاعي، اختلس الكتاني نسخة خطية منه من مكتبة عمومية بتونس، ولما ألحوا عليه في إرجاعها وهددوه بتدخل الحكومة، سلخ الكتاب ونسخه في كتاب نسبه إلى نفسه وسماه التراتيب الإدارية!.) على ذلك لَما أعجزه ولا أعوَزَهُ؛ ولكن أين من عبد الحيّ ذلك الإنصاف الذي لم يَخْلُ منه إلا شيخُ الجماعة الذي حادّ الله وقال: {لآمُرَنَّهُم فلَيُغَيِّرُنَّ خلْقَ الله} وإذا أنصفنا الرجل قلنا: إنه مجموعة من العناصر منها العلم ومنها الظلم، ومنها الحق ومنها الباطل؛ وأكثرها الشّرّ والفساد في الأرض-أطلق عليها لكثرتها واجتماعها في ظَرْفٍ-هذا الاسم المركب الذي لا يلتقي مع كثير منها في اشتقاق ولا دلالة وضعية؛ كما تطلق أسماء الأجناس المرتجلة، وكما يُطلقُ علماء الكيمياء على مركباتهم أسماءَ لا يلمحون فيها أصلاً من أصولها، ومن الأسماء ما يوضع على الفال والتخيُّل، فَيَطِيشُ الفال، وتكذب المَخيلَة؛ومنها ما يوضع على التّوسّع والتّحيّل،فيضيق المجال، وتضيع الحيلة؛ وإن اسم صاحبنا لم يصدق فيه إلا جزؤه الأول؛ فهو عبد لعدّة أشياء جاءت بها الآثاروجرَتْ على ألسنة الناس، ولكنّ أملكها به الاستعمار؛ أما جزؤه الثاني فليس هو من أسماء الله الحسنى، ولا يخطر هذا ببال مؤمن يعرف الرجل، ويعرف صفات عباد الرحمن، المذكورة في خواتيم سورة الفرقان؛ وإنما هو بمعنى القبيلة، كما يقال كاهن الحي وعرّاف الحي وعيْر الحي، وقبح الله الاشتراك اللفظي، فلو علم العرب أنه يأتي بمثل هذا الالتباس لطهروا منه لغتهم، وتَحَامَوْهُ فيما تَحامَوْا من المُسْتَهْجنات؛ ولو أدرك نفاةُ الاشتراك في الاستعمالات الشرعية زمن عبد الحي، أو أدرك هو زمنهم وعرفوه كما عرفناه لكان من أقوى أدلتهم على نفيه، ولارتفع الخلاف في المسألة وسجَّل التّاريخ منقبة واحدة لعبد الحي؛ وهي أن اسمه كان سببا في رفع خلاف ...

وإذا كانت أعمال الشخص أو آثار الشيئ هي التي توضع في ميزان الاعتبار وهي التي تناط بها الأحكام فهذا من ذاك ولا عتب علينا ولا ملام.

وكأن صاحبنا شعر ببعض هذا -ومِثْلُهُ من يَشْعر-فموَّه اسمه ببضع كُنى، ولكنه لم يجرِ فيها على طريقة العرب في تكنية أنفسهم، بل كَنَى نفسه بأبي الإقبال، وأبي الإسعاد،وما أشبه ذلك مما هو غالب في كُنَى العبيد، تفاؤلاً وتروُّحا؛ وقد رأينا بعض من كتب لعبد الحي، أو كتب عليه، يَكنيه بأبي السعادات، وهو لا يعني سعادات ابن الشجري، ولا سعادات ابن الجزري، وإنما يعني سعادات ثلاثا لكل واحدة منهن أثرٌ في تكوينه أو شهرته:جريدة (السعادة) لأنها تُطريه، وقرية بو (سعادة) لأنها تُؤويه، و نسخةً أو جزءاً من البخاري بخط ابن (سعادة) لأن الخزانة الجليلة تحتويه؛ والرجل مفتون بهذا النوع من الكنى لنفسه ولغيره، يُغْرب فيها ويُبدع حتى كنى الشيخ النبهاني بأبي الحجاز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير