تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ إنِّي عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ أَدَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْكَ قَالَ بَلَى قَالَ قُلْ {اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ , وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: يَا مُتَشَرِّدًا عَلَى مَوْلَاهُ لَا تَنْعَلْ لَا تَغْضَبَنَّ عَلَى قَوْمٍ تُحِبُّهُمْ فَلَيْسَ يُنْجِيكَ مِنْ أَحْبَابِكَ الْغَضَبُ وَلَا تُخَاصِمْهُمْ يَوْمًا وَإِنْ عَتَبُوا إنَّ الْقُضَاةَ إذَا مَا خُوصِمُوا غَلَبُوا

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: وَاَللَّهِ مَا أَعْتَمِدُ عَلَى أَنِّي مُؤْمِنٌ بِصَلَاتِي وَصَوْمِي بَلْ أَعْتَمِدُ إذَا رَأَيْتُ قَلْبِي فِي الشَّدَائِدِ يَفْزَعُ إلَيْهِ , وَشُكْرِي لِمَا أَنْعَمَ عَلَيَّ , وَقَالَ قَدْ صُنْتُكَ بِكُلِّ مَعْنًى عَنْ أَنْ تَكُونَ عَبْدًا لِعَبْدٍ وَأَعْلَمْتُكَ أَنِّي أَنَا الْخَالِقُ الرَّازِقُ فَتَرَكْتَنِي وَقَبِلْتَ عَلَى الْعَبِيدِ , كُلُّكُمْ تَسْأَلُونِي وَقْتَ جَدْبِ الْمَطَرِ , وَبَعْدَ الْإِجَابَةِ يَعْبُدُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} وَقَالَ أَيْضًا: أَمَا تَسْتَحْيِي وَأَنْتَ تُعَلِّمُ كَلْبَ الصَّيْدِ يَأْخُذُ إبْقَاءً عَلَيْكَ فَيَقْبَلُ تَعَلُّمَكَ وَتَكْسِرُ عَادِيَةَ طَبْعِهِ وَتُكَلِّبُ نَفْسَهُ عَنْ الْفَرِيسَةِ وَهُوَ جَائِعٌ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا , حَتَّى إذَا أَخَذْتَ الصَّيْدَ إنْ شِئْتَ أَطْعَمْتَهُ وَإِنْ شِئْت حَرَمْتَهُ , يَنْتَهِي حَالُك مَعِي وَأَنَا الْمُنْعِمُ الَّذِي أَنْشَأْتُك وَغَذَّيْتُك وَرَبَّيْتُك إنَّنِي كَلَّفْتُك أَنْ تُمْسِكَ نَفْسَكَ عَنْ الْبَحْثِ فِيمَا يُسْخِطُنِي , لَمْ تَضْبِطْ نَفْسَكَ بَلْ غَلَبَتْك عَلَى ارْتِكَابِ مَا نُهِيت وَعِصْيَانِ مَا أُمِرْت , بَلَغَتْ الصِّنَاعَةُ مِنْ هَذَا الْحَيَوَانِ الْخَسِيسِ أَنْ يَأْتَمِرَ إذَا أُمِرَ , وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ , عُلِّقَتْ الْآدَابُ بِالْبَهِيمِ وَمَا تَعَلَّقَ بِقَلْبِك طُولُ الْعُمْرِ وَكَمَالُ الْعَقْلِ , تَنْشَطُ لِزَرْعِ نَوَاةٍ وَغَرْسِ فَسِيلَةٍ وَتَقْعُدُ مُنْتَظِرًا حَمْلَهَا , وَيَنْعَ ثَمَرِهَا , وَرُبَّمَا دُفِنْت قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ عِشْت كَانَ مَاذَا وَمَا قَدْرُ مَا يَحْصُلُ مِنْهَا؟ وَأَنْتَ تَسْمَعُ قَوْلِي {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وَقَوْلِي: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ لَا تَنْشَطُ أَنْ تَزْرَعَ عِنْدِي مَا تَجْنِي ثِمَارَهُ النَّافِعَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ , هَذَا لِأَنَّك مُسْتَبْعِدٌ مَا ضَمِنْت فِي الْأُخْرَى , قَوِيُّ الْأَمَلِ فِي الدُّنْيَا , أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْله تَعَالَى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} وَتَسْمَعْ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. وَأَنْتَ تُحَدِّقُ إلَى الْمَحْظُورَاتِ تَحْدِيقَ مُتَوَسِّلٍ أَوْ مُتَأَسِّفٍ كَيْفَ لَا سَبِيلَ لَك إلَيْهَا , وَتَسْمَعْ قَوْله تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}. تَهِشُّ لَهَا كَأَنَّهَا فِيكَ نَزَلَتْ , وَتَسْمَعُ بَعْدَهَا {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} فَتَطْمَئِنُّ أَنَّهَا لِغَيْرِك. وَمِنْ أَيْنَ ثَبَتَ هَذَا الْأَمْرُ , وَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الطَّمَعُ , اللَّهَ اللَّهَ هَذِهِ خُدْعَةٌ تَحُولُ بَيْنَك وَبَيْنَ التَّقْوَى. وَقَالَ أَيْضًا الطِّبَاعُ الرَّدِيَّةُ أَبَالِسَةُ الْإِنْسَانِ , وَالْعُقُولُ وَالْأَدْيَانُ مَلَائِكَةُ هَذَا الشَّأْنِ. وَفِي خِلَالٍ تَعْتَلِجُ وَلَهَا أَخْلَاقٌ تَتَغَالَبُ وَالشَّرَائِعُ مِنْ خَارِجِ هَذَا الْجِسْمِ لِمَصَالِحِ الْعَالَمِ وَمَا دَامَ الْعَبْدُ فِي الْعِلَاجِ فَهُوَ طَالِبٌ , فَإِذَا غَلَّبَ الْعَقْلَ وَاسْتَعْمَلَ الشَّرْعَ فَهُوَ وَاصِلٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مِنْ الْوُجُودِ فَكُلُّ أَحَدٍ يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ لَا لَهُ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَصَدِيقٍ وَخَادِمٍ , وَلَيْسَ مَعَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى , فَإِنْ خَذَلَهُ وَأَخَذَهُ بِذَنْبِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ وَكَانَ الْهَلَاكُ الْكُلِّيُّ , وَإِنْ لَطَفَ بِهِ وَقَرَّبَهُ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّهُ انْقِطَاعُ كُلِّ مُنْقَطِعٍ عَنْهُ , فَيَجْعَلُ الْعَاقِلُ شُغْلَهُ خِدْمَةَ رَبِّهِ فَمَا لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ غَيْرُهُ , وَلْيَكُنْ أَنِيسَهُ وَمَوْضِعَ شَكْوَاهُ فَلَا تَلْتَفِتْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ إلَّا إلَيْهِ , وَلَا تُعَوِّلْ إلَّا عَلَيْهِ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْقِدَ خِنْصَرَكَ إلَّا عَلَى الَّذِي نَظَّمَهَا. وَقَالَ تَأَمَّلْتُ إقْدَامَ أَكْثَرِ الْخَلْقِ عَلَى الْمَعَاصِي فَإِذَا سَبَبُهُ حُبُّ الْعَاجِلِ وَالطَّمَعِ فِي الْعَفْوِ , وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ الصُّوفِيَّةِ إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ كَيْفَ يَعْمَلُونَ دَعْوَةً وَيَرْقُصُونَ وَيَقُولُونَ وَصَلَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , أَفَأَمِنُوا أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي عَذَابٍ , فَهَؤُلَاءِ سَدُّوا بَابَ الْخَوْفِ وَعَمِلُوا عَلَى زَعْمِهِمْ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ وَمَا كَانَ الْعُلَمَاءُ هَكَذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير