تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- قال العلامة ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: "فصل: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر. فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين ولهذا قالوا لآلهتهم في النار (تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين)، مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة، كما هو حال أكثر مشركي العالم بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله، وكثير منهم بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده، ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين، وإذا انتهكت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوداتهم غضبوا غضب الليث إذا حرد، وإذا انتهكت حرمات الله لم يغضبوا لها، بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه ولم تتنكر له قلوبهم، وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة، وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله على لسانه ديدنا له إن قام وإن قعد وإن عثر وإن مرض وإن استوحش فذكر إلهه ومعبوده من دون الله هو الغالب على قلبه ولسانه وهو لا ينكر ذلك ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده ووسيلته إليه، وهكذا كان عباد الأصنام سواء، وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم، فأولئك كانت آلهتهم من الحجر وغيرهم اتخذوها من البشر، قال الله تعالى حاكيا عن أسلاف هؤلاء المشركين (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون)، ثم شهد عليهم بالكفر والكذب وأخبر أنه لا يهديهم فقال (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار)، فهذه حال من اتخذ من دون الله وليا يزعم أنه يقربه إلى الله وما أعز من يخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره، والذي في قلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وهذا عين الشرك …" [مدارج السالكين 1/ 339 - 340].

وقال أيضا: "والميت محتاج إلى من يدعو له ويترحم عليه ويستغفر له، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم ونسأل لهم العافية والمغفرة، فعكس المشركون هذا وزاروهم زيارة العبادة واستقضاء الحوائج والاستغاثة بهم وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد وسموا قصدها حجا واتخذوا عندها الوقفة وحلق الرأس" [مدارج السالكين 1/ 346].

- قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كشف الشبهات: " .. وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه (أي كفار قريش) هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد"، وقال: "وإنما يعنون بالإله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ السيد"، وقال أيضا: "فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا هذا الاعتقاد، هو الشرك الذي نزل فيه القرآن، وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليه، فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين .. " [كشف الشبهات].

وقد قال في موطن آخر: "وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله؟! إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل (سبحانك هذا بهتان عظيم) " [الدرر السنية 1/ 104].

- سئل الشيخان حسين وعبد الله ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله عن عدة مسائل، منها: "المسئلة الثامنة عشرة: في بلد بلغتهم هذه الدعوة وبعضهم يقول هذا الأمر حق ولا غير منكرا ولا أمر بالمعروف ولا عادى ولا والى ولا أقر أنه قبل هذه الدعوة على ضلال وينكر على الموحدين إذا قالوا تبرأنا من دين الآباء والأجداد، ويكفر المسلمين جهارا ويسب هذا الدين ويقول دين مسيلمة، والذي يقول هذا أمر زين لا يمكنه يقوله جهارا، فما تقولون في هذه البلدة على هذه الحال، مسلمون أم كفار؟ وما معنى قول الشيخ وغيره أنا لا نكفر بالعموم؟ وما معنى العموم والخصوص؟ إلى آخره". فأجابا:"الجواب: أن أهل هذه البلدة المذكورين إذا كانوا قد قامت عليهم الحجة التي يكفر من خالفها حكمهم حكم الكفار، والمسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه تجب عليه الهجرة إذا لم يكن ممن عذره الله، فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال، والسامعون كلام الشيخ في قوله: إنا لا نكفر بالعموم. فالفرق بين العموم والخصوص ظاهر، فالتكفير بالعموم أن يكفر الناس كلهم عالمهم وجاهلهم، ومن قامت عليه الحجة ومن لم تقم عليه، وأما التكفير بالخصوص فهو أن لا يكفر إلا من قامت عليه الحجة بالرسالة التي يكفر من خالفها، وقد يحكم بأن أهل هذه القرية كفار حكمهم حكم الكفار، ولا يحكم بأن كل فرد منهم كافر بعينه، لأنه يحتمل أن يكون منهم من هو على الإسلام معذور في ترك الهجرة، أو يظهر دينه ولا يعلمه المسلمون، كما قال تعالى في أهل المكة في حال كفرهم (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم * منهم معرة بغير علم) الآية، وقال تعالى (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) الآية، وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين." [مجموعة الرسائل والمسائل 1/ 44].

وفي الختام:

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن الطائفة إنما تتميز باسم رجالها أو بنعت أحوالها، فالأول: كما يقال النجدات والأزارقة والجهمية والنجارية والضرارية ونحو ذلك، والثاني: كما يقال الرافضة والشيعة والقدرية والمرجئة والخوارج ونحو ذلك" [منهاج السنة 2/ 518].

- قال الشيخ ناصر العقل: "والفرق الخارجة عن الإسلام كفار في الجملة، وحكمهم حكم المرتدين" [مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة ص26].

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

كتبه الراجي عفو ربه ولد الحاج الافريقي.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير