تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول والآخِرُ جل جلاله

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:19 ص]ـ

الأول والآخِرُ جل جلاله

* بقلم / خالد بن محمد السليم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فسمى الله بهما نفسه في نص واحد من النصوص القرآنية، قال تعالى: (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد:3]، وورد في السنة عند مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَليْسَ قَبْلكَ شيء وَأَنْتَ الآخِرُ فَليْسَ بَعْدَكَ شيء، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شيء، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَليْسَ دُونَكَ شيء، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَاغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ)

والأول سبحانه هو الذي لم يسبقه في الوجود شيء، وأولية الله تقدمه على كل من سواه في الزمان، ومن حديث عِمْرَانَ رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال (كَانَ اللهُ وَلمْ يَكُنْ شَيْءٌ غيرهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ، ثُمَّ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُل شَيْءٍ) [1].

واسم الله الأول يدل باللزوم على الحياة والقيومية، والسمع والبصر والعلم، والمشيئة والقدرة والعلو والغنى والعظمة فهو لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء [2]

ومن الأولية أيضا تقدمه سبحانه على غيره تقدما مطلقا في كل وصف كمال وهذا معنى الكمال في الذات والصفات في مقابل العجز والقصور لغيره من المخلوقات فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه لأنه سبحانه منفرد بذاته ووصفه وفعله، والأولية وصف لله وليست لأحد سواه [3]

كما أن الأولية في الأشياء مرجعيتها إلي الله خلقا وإيجادا وعطاء وإمدادا، وقال: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً علينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء:104]، وقال: (قُل يُحْيِيهَا الذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلقٍ عَلِيمٌ) [يس:79]

والآخر سبحانه هو المتصف بالبقاء والآخرية فهو الآخر الذي ليس بعده شيء الباقي بعد فناء الخلق (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [سورة القصص 88] الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت كما قال تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) [سورة الرحمن /26] وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل)

ومن معاني اسم الله الآخر أنه الذي تنتهي إليه أمور الخلائق كلها كما ورد عند البخاري من حديث البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ) [4]

فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر وما من أول إلا والله قبله وما من آخر إلا والله بعده فالأول قدمه والآخر دوامه وبقاؤه , فسبق كل شيء بأوليته , وبقي بعد كل شيء بآخريته فهو الأول في آخريته , والآخر في أوليته [5]

الآثار

منها: معرفة العبد غنى الرب من كل وجه بذاته وصفاته، وأن كمال أوصافه أيضا أوَّلي بأولية ذاته؛ فلم يكتسب وصفا كان مفقودا أو كمالا لم يكن موجودا، كما هو الحال بين المخلوقات في اكتساب أوصاف الكمال.

ومنها:إذا علم المسلم أن أصله من طين وله بداية ونهاية وحياة إلى حين؛ أيقن أن ما قام به من الحسن مرجعه إلى رب العالمين، وأن الفرع لا محالة سيرجع إلى أصله كما ذكر الله تعالى في قوله: (إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ليَجْزِيَ الذِينَآمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالحَاتِ بِالقِسْطِ وَالذِينَ كَفَرُوا لهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَليمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس:4]، وقال تعالى: (وَهُوَ الذِي يَبْدأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَليْهِ وَلهُ المَثَل الأَعْلى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [الروم:27].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير