[مدلول الأسماء]
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 03:06 م]ـ
دار نقاش بيني وبين أحد الأخوة حول مدلول الأسماء وأن الإنسان يأخذ من اسمه نصيب.
فقلت أن كل إنسان يأخذ من اسمه نصيب مثل سعد من السعادة أو متعب من التعب وقلت له قد وردت أحاديث تدل على ذلك مثل اسم حزن حينما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتغيره إلى سهل لكن الرجل أبى فكانت الحزونه فيهم
وأيضا حينما كان في صلح الحديبية وجاءهم رجل اسمه سهل فقال سهل أمركم
والأثر عن عمر رضي الله عنه. فهذه تدل على أن كل اسم له مدلول وأن صاحبه يأخذ منه نصيب.
فقال هذا غير صحيح. الاسماء الحسنة ممكن يتفأل بها ويستبشر بها أما الاسماء التي تدل على حزن أو تعب أو شقاوة أو عذاب فإن هذا من التطير والتشاؤم
فما رأي الأخوة في هذه المسألة
هل كل شخص يأخذ من اسمه نصيب من حيث السعادة والشقاوة أو الفرح والحزن أم لا؟
نريد مشاركات من الأخوة في هذا الموضوع لعلنا نستفيد
وجزاكم الله كل خير
ـ[مداد]ــــــــ[13 - 11 - 07, 03:47 م]ـ
قال ابن القيم - رحمه الله -:
[لما كانت الأسماءُ قوالِبَ للمعانى، ودالَّةً عليها، اقتضتِ الحكمةُ أن يكونَ بينها وبينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبى المحضِ الذى لا تعلُّقَ له بها، فإن حِكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقِعُ يشهد بِخَلافه، بل للأسماء تأثيرٌ فى المسميَات، وَلِلْمُسَمَّيَاتِ تأثُّر عن أسمائها فى الحُسن والقبح، والخِفَّة والثِّقَل، واللطافة والكَثَافة، كما قيل:
وقلَّما أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ إلاَّ وَمَعْنَاهُ إن فَكَّرتَ فى لَقَبِهْ
وكان صلى اللَّه عليه وسلم يستحِبُّ الاسم الحسَن، وأمر إذا أَبْرَدُوا إليهِ بَرِيداً أن يَكُونَ حَسَنَ الاسْمِ حَسَنَ الوَجْهِ. وكانَ يأخذ المعانى من أسمائِهَا فى المنامِ واليقظة، كما رأى أنه وأصحابَه فى دار عُقبة بن رافِع، فأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ، فأَوَّله بأن لهم الرفعةَ فى الدنيا، والعاقبةَ فى الآخرةِ، وأنَّ الدِّينَ الذى قد اختاره اللَّه لهم قد أرطب وطَابَ، وتَأوَّلَ سُهولة أمرِهم يومَ الحديبية مِن مجيئ سُهيل بن عمرو إليه.
وندب جماعة إلى حلب شاة، فقام رجلٌ يحلُبها، فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ قال: مُرَّة، فقال: ((اجْلِسْ))، فَقَامَ آخَرُ فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ قال: أظنه حَرْب، فقال: ((اجْلِسْ))، فَقَامَ آخرُ فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ فقال: يَعِيشُ، فَقَال: ((احلُبها)).
وكان يكره الأمكِنةَ المنكرةَ الأسماء، ويكره العُبُورَ فيها، كمَا مَرَّ فى بعضِ غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضِحٌ ومُخزٍ، فعدلَ عنهما، ولَم يَجُزْ بينهما.
ولما كان بين الأسماء والمسميَّاتِ مِن الارتباط والتناسُبِ والقرابةِ، ما بين قوالب الأشياءِ وحقائِقها، وما بينَ الأرواحِ والأجسامِ، عَبَرَ العَقْلُ مِن كل منهما إلى الآخر، كما كان إياسُ بن معاوية وغيرُه يرى الشخصَ، فيقولُ: ينبغى أن يكونَ اسمُه كَيْتَ وكَيْتَ، فلا يكاد يُخطىءُ، وضِدُّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه، كما سأل عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه رجلاً عن اسمه، فقال: جَمْرَةُ، فقال: واسمُ أبيك؟ قال: شِهَابٌ، قال: مِمَّن؟ قال: مِنَ الحُرَقَةِ، قال: فمنزلُك؟ قال: بِحرَّة النَّار، قال: فأينَ مسكنُكَ؟ قال: بِذَاتِ لَظَى. قال: اذهَبْ فقد احترق مسكنك، فذهب فوجد الأمرَ كذلك، فَعَبَرَ عمر من الألفاظ إلى أرواحها ومعانيها، كما عَبَرَ النبى صلى الله عليه وسلم من اسم سُهيل إلى سهولة أمرهم يَوْم الحُديبية، فكان الأمرُ كذلك، وقد أمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنهم يُدعَوْنَ يومَ القِيَامَةِ بها، وفى هذا - واللَّه أعلم - تنبيهٌ على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء، لتكون الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحسنِ، والوصفِ المناسِبِ له.
¥