[طلقة قلم]
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 07, 05:21 ص]ـ
[طلقة قلم]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
كثيراً ما سألت نفسي هذه الأسئلة:
لماذا الكل من طلاب العلم لابد أن يكتب ويدلي وإن فقد الدلو؟
لماذا تخلف العمل عن بعضهم حتى صاروا عند الأراذل مثلاً؟
لماذا لم يثمر العلم عند بعضهم سوى غلظة قلب، وشقشقة لسان، وقسوة منطق، وجفاء بيان؟
لماذا نشبت الحرب بينهم مع تعامي بعضهم عن الراية وادعائه الجهاد بالعلم والبيان؟
ما هذه الغثائية التي اقتحمت صفوفهم؟
هذا يزرع علماً له أصوله وجذوره وأدلته -كعلم الجرح والتعديل - في غابة سامقة مملوءة بأناس فرَّ منهم رسم العلم.
وهذا يتمرد بروح سَمُجة فيستأصل هذا العلم من جذوره، ويلغيه، ولا يلتفت إلى وهج ما حفلت به دواوين الكتاب والسنة من أدلة ساطعة وبراهين برَّاقة، وعليه عمل سلف الأمة.
وهذا متفنن في نظم العناوين، فيسحل بها عظام العلماء -رغم اجتهادهم- ويذبح هيبتهم عند أتباعهم على عتبة جهله ولا يبالي، فإذا ما دخلت كتابه المعنون الجذاب؛ وجدت كومة من الزبالات نفثت عن عقلية رعاة البقر، والفجور العلمي.
وهذا يرسم خرائط ويبني سدوداً حول ضُلاَّلٍ، يقدمونهم للأمة أهراماً للمجد والعلا، وشلالات من البذل والعطاء والتضحية، تحت مسلسل تقدمه أكاذيب، ويتخلله سَحْبٌ وميل لعقولٍ سذج وأنفس بسيطة، فإذا أردت أن تأنَّ من المين، وتحك الرَّان بآية أو حديث أو قول صاحب، فتحاصرك قذائف الحزبية، ودمار التعصب، وصرخات ثكالى الجهل.
أسئلة أجبت عنها - مستريحاً-: نحن في زمن العجائب ..
زمن يركض فيه بعض الطلاب في دهاليز الغباوة، ويتبحر في بحر اليأس؛ ليصل إلى شاطئ البؤس.
زمن يلتقي فيه بعضهم بنفسه - بعد عقد من دهره - بعلم مزوَّرٍ وعمل منكوس بينهما فجوة نفاق، فيدخل قَيْساً ويخرج مَيْساً.
زمن امتطي فيه بعضهم الكذب، واتخذ العلم حبلاً يتسلق به على أظهر العلماء، ويشيد به (الفلل) الفارهات، ويركب به السيارات الفاخرات.
زمن تقاصرت فيه همة بعضهم فبات أقصى ما يتمنى تأليف كتاب ملون مزركش يحمل كنية أبي فلان، ولا يبالي من طلقة القلم .. إلى أين يُصوبها؟ وفي نحر من يُسددها؟!!
وحاولت - ذات يوم - أوسِّع نظراتي وأقلب (بالفأرة) صفحات الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) فدبَّ في جسدي إعياءٌ،، وهبَّ شعري نافراً، وقشعر جلدي نابياً، وخرجت إلى الصُّعْدات أجأر إلى مولاي من تلك المقالات المزرية، والبحوث المخزية، التي نقشتها أيدي طلاب علم - زعموا -.
هذا في مقاله صوَّب قلمه تجاه عثرة فلان ليُقِلْها؛ فأطلق عدة رصاصات فقتلته في منحرٍ ودمرته لأنها من غير رامي.
وذاك في بحثه صوَّب قلمه تجاه اجتهاد عالم أصاب أجراً واحداً - في ظنه - فأطلق عدة رصاصات فتقوَّل على الله بغير علم، فهَلَك وأَهْلَك لأنها من غير رامي.
واكبدي .. أضنى الأسى كبدي ..
كاتب أحمق يهرف بما لا يعرف، يخرج من ذاته فيُغَيِّرُ تخوم العِرض ويقتطع منه ظلماً.
وآخر مفتوح الفم، يرسم البسمة متزلفاً للنساء، يتجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صحابته الكرام ليرضيهن عنه، في مجالس مختلطة أشبه بمجالس السينما والمسرح.
وذاك يعقد المجالس ليقرر الإخوة الدينية بين المسلمين والنصارى في جميع مناح الحياة، بأسلوب مغَّرب مميِّع لتُبْدي له العلوج عين الرضا.
ومُخَرِّف يضاد الكتاب المنَزَّل ويقول: إن الخصومة التي بيننا وبين اليهود ليست خصومة دينية، ليركب موجة الضغط الغربي الكافر فينحرف معها حتى لا يصيبه منهم ولو معرَّة، وهيهات .. فقد لفظوه وصدَّروه قائمة الإرهاب!!.
طوفان .. !! نعم طوفان من زبد الغش والجرأة، وغثاء من الجهل العتيق، ولكن .. ما عسى أن أفعل ..
نويتُ أكتب رداً على الأول، فأهمني أمر الثاني، وقول الثالث أعياني، والرابع .. والخامس .. حتى بدت تباشير الفجر وما كتبت .. ؛ فتذكرت قول الأول:
لو أن كل كلب ألقمته حجراً لكان مثقال الحجر بدينار.
وكتب:
بلال بن عبد الغني أبو هلال
عفا الله عنه وسدده
الذيبية - حفر الباطن
14/ 10/1428هـ
ـ[محمد فاروق فتحى]ــــــــ[26 - 11 - 07, 01:57 ص]ـ
أحسن الله اليك شيخنا وزادك الله علما وفضلا, ما أحسن هذا المقال لغة واسلوبا ومعنى ,ولكم أتمنى أن يستفيد به طلاب العلم جميعا فى خضم هذا الموج الجارف من الافراط والتفريط فى أصل أصيل من أصول ديننا الحنيف ألا وهو علم الجرح والتعديل. فقد قدمت الينا شيخنا الكريم بايجاز لا يتعدى سطور قليلة ,ما يحمل فى طياته آفات وهموم جسام عانينا منها جميعا ومازلنا نعانى منها, فجزاكم الله خيرا أن لمست بيدك هذا الوتر الحساس ليتذكر أولو الألباب. وفقنا الله واياك الى الذب عن دين ربنا سبحانه وتعالى وعن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم انه سميع قريب مجيب الدعوات.
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[26 - 11 - 07, 06:11 ص]ـ
بوركتم
مقال رائع حقا
ولا يعرف الجرح إلا من به ألم .... !!
¥