[اسم الله: الرحمن الرحيم]
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:18 ص]ـ
[اسم الله: الرحمن الرحيم]
* بقلم / ماجد بن أحمد الصغير
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاس مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وأِشهد أن محمداً عبده ورسوله الرحمة المهداة إلى الثقلين الموصوف بكونه بالمؤمنين رؤوف رحيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وحجة على العاملين،ومنارة للسائرين، فانقسم الناس بدعوته إلى مرحومين مهتدين، وأشقياء محرومين، صلى الله وسلم وبارك عليه في الأولين والآخرين، وعلى أصحابه وأتباع دينه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فإن من رحمة الله بالناس أنّ تجاوزَه عن خطايا عباده يسبق مؤاخذته لهم، وأنّ رحمته تغلب غضبه عليهم؛ ولذا كان الله هو الإله الحق لا إله غيره هو الرحمن الرحيم وهو خير الراحمين {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، {وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين}.
وقد حدثنا الله عن نفسه في كتابه، وعرفنا بأنه ذو الرحمة التامة التي لا تدانيها رحمة، رحمة شاملة لجلائل النعم وأصولها، رحمة شملت أرزاق الناس، ومصالحهم، وعمتهم كلهم، مؤمنهم وكافرهم، برهم و فاجرهم.
ولم تقتصر رحمته بهؤلاء على هذا فحسب بل شملت ما تحيا به قلوبهم وتزكو به نفوسهم فبرحمته تزول الكروب وتستر العيوب وتضيء القلوب. فحياتهم قائمة بإذنه، وأرزاقهم مكنونة في غيبه، وبقائهم رهن مشيئته وأمره، ومن ثم فإنه لا حول ولا قوة لهم إلا بقوته وحوله، فهو الملك وهو الرحمن الذي استوى على عرشه، ودبر أمر الخلائق في ملكه، فلا يستغني عنه في الحقيقة مؤمن أو كافر، قال تعالى: {الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيراً}. ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين فقط؛ بل تمتد لتشمل ذريتهم من بعدهم؛ تكريما لهم، كما قال تعالى في نبأ الخضر والجدار: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} فالإيمان بالله والعمل بطاعته وتقواه من أهم أسباب الرحمة الخاصة، قال تعالى: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون}، وقال: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون}.
رحمة الله الشاملة.
إن الله سبحانه موصوف بسعة الرحمة التي طوت جميع الوجود ووصلت إلى كل موجود، فحيثما أشرق شعاع من علمه المحيط، أشرق معه شعاع من رحمته بحسب ما تقتضيه علمه وحكمته. وقد خص المؤمنين منها، بالنصيب الأوفر، والحظ الأكمل، قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون}، وبهذا يثني عليه الخاصة من ملائكته، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)): أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله، وهى تقدر على أن لا تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لله أرحم بعباده من هذه بولدها). [رواه مسلم]
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: ((لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد لو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة)) [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم «ولما خلق الخلق كتب في كتابه فهو عنده: إن رحمتي سبقت غضبي» [رواه البخاري ومسلم]. فهي كالعهد لكل الخليقة بالرحمة لهم والعفو عنهم، والتروِّ والإمهال لهم.
¥