[اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكن أسألك اللطف فيه". في الميزان الشرعي]
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[30 - 08 - 07, 08:32 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد:
اعلم – رحمني الله وإياك – أنه قد تضافرت الأدلة على أن الدعاء يدفع البلاء، ويرد القدر، فهو من القدر الذي لا شيء أنفع منه في دفع الضر، أو جلب النفع؛
وقد شاع على ألسن كثير من الناس في هذا الزمان إمامهم ومأمومهم هذا الدعاء! ولا شك أن هذا الدعاء خطأ محض، واعتداء في الدعاء، وكيف لا يكون كذلك؟!، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: [لا يرد القضاء إلا الدعاء].
رواه الترمذي وغيره وقال: حسن غريب وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
ويقول عليه الصلاة والسلام: [لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة]. رواه الحاكم وصححه، وحسنه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء].
رواه أحمد وغيره والحديث حسن بشواهده وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع.
ولا شك أن الدعاء من القدر، فهو كسائر الأسباب المقدرة التي حث الشرع فيها العباد على تحصيلها والسعي في تحقيقها، ومما يدلك على ذلك: ما رواه الترمذي في جامعه بسنده عن أبي خزامة عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟
قال: " هي من قدر الله ".
قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. وضعفه الألباني.
لكن الأحاديث السابقة شاهدةٌ بهذا المعنى.
قال الشوكاني – رحمه الله تعالى – تعليقا على حديث " لا يرد القضاء إلا الدعاء":
[فيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد ... إلى أن قال: والحاصل أن الدعاء من قدر الله عز وجل، فقد يقضي بشيء على عبده قضاء مقيدا بأن لا يدعوه، فإذا دعاه اندفع عنه!].
وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى- كما في " الجواب الكافي ":
[والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه،ويمنع نزوله، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن، كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض ".
وله مع البلاء ثلاثة مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا.
الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل منهما صاحبه].
انتهى كلامه – رحمه الله تعالى -.
وقد ذهب أقوام إلى أن الدعاء لا معنى له، لأن الأقدار سابقة، والأقضية متقدمة، والدعاء لا يزيد فيها، وتركه لا ينقص منها شيئا، ولهذا فلا فائدة من الدعاء والمسألة!!، واحتجوا بعموم أحاديث القدر، ولكنهم محجوجون، لأن الله تعالى أمر بالدعاء في عدة آيات وأحاديث:
قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}،
وقال تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم}،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [الدعاء هو العبادة].
رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: [من لم يسأل الله يغضب عليه].
رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني.
وقد أورد الإمام الخطابي قول هؤلاء في " شأن الدعاء " ورده فقال:
[فأما من ذهب إلى إبطال الدعاء فمذهبه فاسد، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أمر بالدعاء، وحض عليه .... ومَن أبطل الدعاء، فقد أنكر القرآن ورده، ولا خفاء بفساد قوله، وسقوط مذهبه]. انتهى كلامه – رحمه الله تعالى-.
ولا شك أن هذه العبارة: " ... لا أسألك رد القضاء ... " ظاهرها مؤداه إلى هذا المذهب الردي.
وقد ورد سؤال إلى العز بن عبد السلام – رحمه الله تعالى – هذا نصه:
هل يعصي من يقول: لا حاجة بنا إلى الدعاء، لأنه لا يرد ما قدر وقضي، أم لا؟
فأجاب:
¥