[الكريم الأكرم جل جلاله (2)]
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[18 - 11 - 07, 05:46 ص]ـ
[الكريم الأكرم جل جلاله (2)]
* بقلم / خالد بن محمد السليم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أكرم خلقه أجمعين، وبعد:
فهذه بعض الآثار لهذين الاسمين الشريفين إتماما لما بدأته في الحلقة السابقة.
الآثار:
ومنها: أن من عرف ربه بهذا الكرم أحسن ظنه فلا يخشى على نفسه فقرا أبدا، و لا يلوم قدرا و لا يذل لمخلوق كائنا من كان بل يسارع عند النوازل والكروب والضائقات المالية والنفسية إلى من أن يمينه ملأى سحا الليل والنهار
ومنها: أن يتحلى بوصف الكرم والسخاء، والجود والعطاء لأنه يحب من عباده الكرماء
قال ابن القيم: "ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة اليه بزمامه وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له فانه سبحانه رحيم يحب الرحماء كريم يحب الكرماء عليم يحب العلماء " [الجواب الكافي ص44]
"ولمحبته لأسمائه وصفاته أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والإحسان والبر ولما كان سبحانه يحب أسماءه وصفاته كان أحب الخلق إليه من اتصف بالصفات التي يحبها وأبغضهم إليه من اتصف بالصفات التي يكرهها فإنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأن اتصافه بها ظلم إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه لمنافاتها لصفات العبد وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية , وهذا خلاف ما تقدم من الصفات فإنها لا تنافي العبودية بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته إذ المتصف بها من العبيد لم يتعد طوره ولم يخرج بها من دائرة العبودية " [طريق الهجرتين ص215]
ورتب الله على النفقة والبذل أجورا عظيمة وهي لا تنقص من المال شيئا بل تزيده؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم , وهي أيضا مخلوفة على العبد؛ فلينفق العبد وهو يوقن بالخلف من الله (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39] , وسخر الله لمن أنفق ملكين يدعوان له بالخلف من الله فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)
وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ) [متفق عليه]
وتكفل الله لمن أنفق أن ينفق عليه كما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)
كان خالد بن عبد الله الطحان يخرج في كل شهر نفقة عياله ويخرج للصدقة مثل ذلك فإن نفدت دراهم الصدقة تصدق من نفقة عياله وإن نفدت النفقة قبل الصدقة أمسك [تاريخ واسط ص136]
قال ابن القيم: "ومن عامل خلقه بصفة عاملة الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والاخرة فالله تعالى لعبده على ما حسب ما يكون العبد لخلقه" [الوابل الصيب ج1/ص54].
ولذا كان النبي أكرم الخلق فعند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلاً سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَنَمًا بَيْنَ جَبَليْنِ؟ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ؛ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَال: أَيْ قَوْمِ أَسْلمُوا فَوَ اللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا ليُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الفَقْرَ؛ فَقَال أَنَسٌ: إِنْ كَانَ الرَّجُل ليُسْلمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا فَمَا يُسْلمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلاَمُ أَحَبَّ إِليْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَليْهَا).
¥