تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تأملات في سورة الملك]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:23 م]ـ

[تأملات في سورة الملك]

* بقلم / ماجد بن أحمد الصغير

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله أما بعد: ففي هذه الحلقة سيكون الحديث عن سورة الملك، وما فيها من وصف معالم ملك الله، وعظمة صنعه، وسعة ملكوته، والسورة تدور رحاها عن ملك الله من جوانبه المتعددة وتبدأ السورة:

بتعريف المؤمنين بعظمة الله تعالى، وتفرده بالملك الحق، فهو الملك العظيم الذي بيده الخير، الملك الذي كثر خيره، وعم إحسانه، واتسعت رحمته، فلا يأتي بالخيرات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، فمنه يكثر الخير، وبسببه يدوم. (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير). وهذا نظيره في قوله تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً * الذي له ملك السماوات والأرض). (بيده الملك) فما يوجد فرد من أفراد من له الملك إلا وهو مما في قدرة الله فهو يعطيه وهو يمنعه، ويخفضه ويرفعه، فالخلفاء، والملوك، والسلاطين، ملكهم غير تام؛ لأنه لا يعم المملوكات كلها، ومعرض للزوال، وملك الله هو الملك الحقيقي قال الله تعالى (فتعالى الله الملك الحق) وقال الله تعالى معلماً نبيه صلى الله عليه وسلم كيف يدعوه ويناجيه (قل اللهم مالك الملك تؤتي ملك الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت الحي وترزق من تشاء بغير حساب) [آل عمران:26 - 27].

ثم تنتقل الآيات لتذكر العباد بأن هذا الملك هو الذيأقام نظام الموت والحياة ليختبر أعمال العباد في ميادين السبق إلى أحسن الأعمال، ونتائج مجاريها، وأنه هو الذي يجازي عليها؛ (ولله مافي السموات ومافي الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) [النجم: 31]. (الذي خلق الموت، والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك:2]. ((فقد خلق الموت والحياة ليكون من الناس أحياء يعملون الصالحات والسيئات ثم أمواتاً يخلصون إلى يوم الجزاء فيجزون على أعمالهم بما يناسبها ... هو الذي خلق الموت والحياة لتحيوا فيبلوكم أيكم أحسن عملا، وتموتوا فتجزوا على حسب تلك البلوى)). [1] ثم تختم الآية العظيمة باسمين كريمين:

في أحدهما: معنى القهر للعباد فلا يند أحد عن قدرته، ولا يشذ عن أخذه وبطشه، والموت مظهرٌ هائلٌ من مظاهر عزة وجلالة جناب المَلِك عظيم الُملْك. فبالموت ينكسر مُلكُ كل مَلِك ويظهر أن الملك الحقيقي لمالك الملك سبحانه وتعالى.

وفي الآخر: يظهر معنى الرحمة والعفو والمغفرة. وهذا الوصفان -العزة والمغفرة - هما ركنا الملك، فالملك يحتاج إلى عزة جناب، وتفرد بالأمر، وقوة في الأخذ، وفي ذات الوقت يحتاج إلى رحمة وعفو، وبهما تساس الرعية. والله عز وجل هو (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) [الملك: 2].وإذا كان هناك من غره أن آتاه الله ملك مشارق الأرض ومغاربها؛ فادعى القدرة على الإحياء والإماتة - وما حمله على هذا الطغيان والكفر الغليظ والمعاندة الشديدة إلا تجبره وطول مدته في الملك -[2]. (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت. قال: أنا أحيي وأميت! قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) [البقرة: 258] فإذا لهذا أن يدعي الخلق والإماتة أفكاً وزوراً، فأنى له أن يخلق سبعاً شداداً بغير عمد ترونها؛ لذا قال سبحانه: (الذي خلق سبع سموات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير، ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير) [الملك: 2 - 5]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير