تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر والمؤمن والكافر ووليه وعدوه فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته وأوقع في محارمه وانتهك حرماته بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع وبدل السيئة بالحسنة واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ثم أحسن الظن فهذا حسن ظن والأول غرور والله المستعان.

في بستان الأسماء والصفات

السميع البصير:

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: كثيرًا ما يقرن الله سبحانه وتعالى بين ' السميع , البصير ', كمثل قوله: [وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً] [النساء: من الآية134]. فكل من السمع والبصر محيط بجميع متعلقاته الظاهرة والباطنة , فالسميع هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات , فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلانيتها , حتى كأنها لديه صوت واحد , لا تختلط عليه الأصوات , ولا تغلطه اللغات , والقريب منها والبعيد والسر والعلانية كلها عنده سواء. قال تعالى: [سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ] [الرعد:10]. وسمعه تعالى نوعان: أحدهما: سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والخفية , وإحاطته بها إحاطة تامة. والثاني: سمع الإجابة منه للسائلين والعابدين والمتضرعين , فيجيبهم ويثيبهم , ومنه قول العبد في صلاته: سمع الله لمن حمده , أي استجاب الله لمن حمده وأثنى عليه وعبده , ومنه قول إبراهيم عليه السلام: [الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ] [ابراهيم:39].

' وهو البصير ' أي الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسماوات , حتى أخفى ما يكون منها , فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء , ويرى جميع أعضائها الظاهرة والباطنة , حتى أنه يرى سريان القوت في أعضائها الصغار جدا , ويرى سريان المياه في الأشجار وأغصانها وعروقها وجميع النباتات , ويرى نياط عروق النملة والبعوضة وأصغر من ذلك.

فتبارك من تنبهر العقول عند التأمل لبعض صفاته المقدسة , وتشهد البصائر كماله وعظمته ولطفه , وخبرته بالغيب والشهادة والحاضر والغائب والخفي والجلي , ويرى تعالى خيانات العيون بلحظها , أي حين يلحظ العبد منظرا يخفيه على جليسه , فالله تعالى يراه في تلك الحالة التي يحرص على إخفاء ملاحظته عن كل أحد , ويرى تقلب الأجفان حين يقلبها الناظر من آدمي أو ملك أو جني أو حيوان ,وحين يطبقها ويفتحها. قال تعالى: [الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ] [الشعراء: 218 - 219]. وقال تعالى: [يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ] [غافر:19]

صفة الرحمة: تشمل اسم الرحمن، والرحيم، والرءوف:

المفهوم من الرحمن نوع من الرحمة هي أبعد من مقدورات العباد بالإيجاد أولا، وبالهداية إلى الإيمان وأسباب السعادة ثانيا،وبالسعادة في الآخرة ثالثا،وبالإنعام بالنظر إلى وجهه الكريم رابعا.

وروى مسلم في صحيحه: [خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَوَضَعَ وَاحِدَةً بَيْنَ خَلْقِهِ وَخَبَأَ عِنْدَهُ مِائَةً إِلَّا وَاحِدَةً].

وقد ورد اقتران الرحمن والرحيم كثيرا في القرآن كما في البسملة والفاتحة،وفي هذا الاقتران دلالة على سعة الرحمة وشمولها، كما في صحيح البخاري 'قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ] قُلْنَا: لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ فَقَالَ: [لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا].

وإن قام بقلبه شاهد الرحمة رأى الوجود كله قائما بهذه الصفة قد وسع من هي صفته كل شيء رحمة وعلما، وانتهت رحمته إلى حيث انتهى علمه، فاستوى على عرشه برحمته لتسع كل شيء،كما وسع عرشه كل شيء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير