تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فشغلهم النظر في فضيلة آدم، عن النظر إلى ما هو يليق بالحق مما لا يليق به.

فإنه لا يجوز عليه المس، و لا العمل بالآلات، و إنما آدم أضافه إليه، فقالوا: نطلق على الله تعالى إسم الصورة لقوله: خلق آدم على صورته.

و فهموا هذا الحديث و هو قوله عليه السلام: إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، و لا يقل قبح الله وجهك و لا وجهاً أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته.

فلو كان المراد به الله عز وجل لكان وجه الله سبحانه يشبه وجه هذا المخاصم لأن الحديث كذا جاء ـ و لا وجهاً أشبه وجهك ـ و رووا حديث خولة بنت حكيم: و إن آخر وطئة وطئها الله بوج و ما علموا النقل و لا السير و قول الرسول صلى الله عليه و سلم: اللهم أشدد وطأتك على مضر، و أن المراد به آخر وقعة قاتل فيها المسلمون بوج، و هي غزاة حنين. فقالوا: نحمل الخبرعلى ظاهره، و أن الله وطئ ذلك المكان.

و لا شك أن عندهم أن الله تعالى كان في الأرض ثم صعد إلى السماء، و كذلك قالوا في قوله إن الله لا يمل حتى تملوا قالوا: يجوز أن الله يوصف بالملل فجهلوا اللغة و ما علموا أنه لو كانت حتى ههنا للغاية لم تكن بمدح لأنه إذا مل حين يمل فأي مدح، و إنما هو كقول الشاعر:

جلبت مني هزيل بخرق لا يمل الشر حتى يملوا

و المعنى لا يمل و إن ملوا.

و قالوا في قوله عليه الصلاة السلام: الرحم شجنة من الرحمن تتعلق بحقوي الرحمن. فقالوا ـ الحقوا ـ صفة ذات و ذكروا أحاديث لو رويت في نقض الوضوء ما قبلت.

و عمومها وضعته الملاحدة كما يروى عن عبد الله بن عمرو. و قال: [خلق الله الملائكة من نور الذراعين و الصدر] فقالوا: نثبت هذا على ظاهره. ثم أرضوا العوام بقولهم: و لا نثبت جوارح، فكأنهم يقولون فلان قائم و ما هو قائم.

فاختلف قولهم هل يطلق على الله عز وجل إنه جالس أو قائم كقوله تعالى: قائماً بالقسط.

و هؤلاء أخس فهماً من جحا لأن قوله قائماً بالقسط لا يراد به القيام و إنما هو كما يقال: الأمير قائم بالعدل.

و إنما ذكرت بعض أقوالهم لئلا يسكن إلى شيء منها. فالحذر من هؤلاء عبادة.

و إنما الطريق طريق السلف. على أنني أقول لك قد قال أحمد بن حنبل رحمه الله عليه [من ضيق علم الرجل أن يقلد في دينه الرجال].

فلا ينبغي أن تسمع من معظم في النفوس شيئاً في الأصول فتقلده فيه.

و لو سمعت عن أحدهم ما لا يوافق الأصول الصحيحة فقل: هذا من الراوي، لأنه قد ثبت عن ذلك الإمام أنه لا يقول بشيء من رأيه.

فلو قدرنا صحته عنه فإنه لا يقلد في الأصول و لا أبوبكر و لا عمر رضي الله عنهما.

فهذا أصل يجب البناء عليه فلا يهولنك ذكر معظم في النفوس.

و كان المقصود من شرح هذا أن ديننا سليم، و أنما أدخل أقوام فيه ما تأذينا به.

و لقد أدخل المتزهدون في الدين ما ينفر الناس، حتى إنهم يرون أفعالهم فيستعبدون الطريق.

و أكثر أدلة هذه الطريق القصاص، فإن العامي إذا دخل إلى مجلسهم و هو لا يحسن الوضوء كلموه بدقائق الجنيد، و إرشادات الشبلي. فرأى ذلك العامي أن الطريق الواضح لزوم زاوية و ترك الكسب للعائلة و مناجاة الحق في خلوة على زعمه.

مع كونه لا يعرف أركان الصلاة، و لا أدبه العلم، و لا قوم أخلاقه شيء من مخالطة العلماء.

فلا يستفيد من خلوته إلا كما يستفيد الحمار من الإصطبل.

فأن امتد عليه الزمان في تقلله زاد يبسه فربما خايلت له الماليخوليا أشباحاً يظنهم الملائكة ثم يطأطئ رأسه، و يمد يده للتقبيل.

فكم قد رأينا من أكار ترك الزرع و قعد في زاوية، فصار إلى هذه الحالة فاستراح من تعبه.

فلو قيل له: عد مريضاً، قال: مالي عادة. فلعن الله عادة تخالف الشريعة.

فيرى العامة بما يورده القصاص أن طريق الشرع هذه، لا التي عليها الفقهاء، فيقعون في الضلال.

و من المتزهدين من لا يبالي عمل بالشرع أم لا.

ثم يتفاوت جهالهم، فمنهم من سلك مذهب الإباحة و يقول: الشيخ لا يعارض، و ينهمك في المعاصي.

و منهم: من يحفظ ناموسه فيفي بغير علم، لئلا يقال: الشيخ لا يدري.

و لقد حدثني الشيخ أبو حكيم رحمه الله: أن الشريف الدحالتي ـ و كان يقصد فيزار و يتبرك به ـ حضر عنده يوماً فسأل أبو حكيم: هل تحل المطلقة ثلاثاً إذا ولدت ذكراً؟ قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير