تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تناقضات الأشعرية (10): إثباتُهم أصل الخبر النفسي ببيان جواز الكذب فيه، وإثباتهم صدقه باستحالة الكذب فيه

ـ[محمد براء]ــــــــ[30 - 03 - 10, 04:33 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تناقضات الأشعرية (10): إثباتُهم أصل الخبر النفسي ببيان جواز الكذب فيه، وإثباتهم صدقه باستحالة الكذب فيه

من الحجج المشهور التي احتجَّ بها الإمامُ أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى على تكفير من قال بخلق القرآن: أنَّ القرآنَ من علم الله تعالى، وعلمُ الله تعالى غيرُ مخلوقٍ، فمن زعم أنَّ القُرآنَ مخلوقٌ فقد زعَمَ أنَّ علمَ الله تعالى مخلوقٌ، ومن زعمَ أنَّ علمَ الله تعالى مخلوقٌ فقد كفَرَ.

قال يعقوبُ الدورقي: " سألتُ أحمد بن حنبل عمَّن يقولُ: القرآن مخلوق.

فقال: كنت لا أكفِّرُهم حتى قرأتُ آياتٍ من القرآن: " ولئن اتبعت أهواءهم من بعدك ما جاءك من العلم " وقوله: " بعد الذي جاءك من العلم وقولَه: " أنزله بعلمه " فالقرآن من علمِ اللهِ، ومن زعمَ أنَّ علمَ الله مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن زعم أنه لا يدري: علمُ الله مخلوقٌ أو ليس بمخلوقٍ؟ فهو كافرٌ، أشرُّ ممن يقول: القرآنُ مخلوقٌ " (1).

ولما سأله عبدُ الرحمن بنُ إسحاق قاضي المعتصم فلامه، فقال: ما تقولُ في القُرآن؟

قال: فقلتُ: ما تقولُ في العلم؟

فسكتَ!

فقلتُ لعبد الرحمن: القرآنُ من علمِ الله، ومن زعمَ أنَّ علمَ الله مخلوقٌ فقد كفر بالله.

قال: فسألتُ عبدَ الرحمن فلم يردَّ عليَّ شيئاً.

وقال لي عبد الرحمن: كان الله ولا قرآن!

فقلت: كان الله ولا علم؟!

فأمسك، ولو زعم أن الله كان ولا علم لكفرَ بالله (2).

وقال: " ولسنا نشكُّ أن علمَ الله ليس مخلوقاً، وهو كلامُ الله، ولم يزل الله مُتكلِّمَاً.

وأيُّ أمرٍ أبين من هذا؟ وأيُّ كُفرٍ أكفرُ من هذا؟ إذا زعمُوا أن القرآن مخلوقٌ؛ فقد زعموا أن أسماءَ الله مخلوقة، وأنَّ علمَ الله مخلوقٌ، ولكنَّ النَّاسَ يتهاونُون بهذا ويقولُون: إنما يقولون القرآن مخلوق!، فيتهاونون به ويظنُّون أنه هيِّن، ولا يدرُون ما فيه من الكفر " (3).

قال ابنُ تيمية: ". فقول الإمام أحمد: " إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة وأن علم الله مخلوق "؛ يبيِّنُ أن العلمَ الذي تضمَّنَهُ القرآنُ داخلٌ في مُسمَّى القرآنِ، وقد نبَّهنَا فيما تقدَّمَ على أنَّ كُلَّ كلامٍ حقٍّ فإنَّ العلمَ أصلُ معناه، [وإن] (4) كان قد ينضمُّ إلى العلم معنى الحُبِّ والبغض.

وذلكَ أنَّ الكلامَ خبرٌ أو طلبٌ أما الخبرُ الحقُّ فإن معناه علمٌ بلا ريب، وأمَّا الإنشاء كالأمر والنهي فإنه مسبوقٌ بتصوُّر المأمور والمأمور به وغيرِ ذلك، فالعلمُ أيضاً أصلُه، واسمُ القرآن والكلام يتضمَّنُ هذا كُلَّه، فقولُ القائل: القرآنُ مخلوقٌ يتضمَّنُ أنَّ علم الله مخلوق " (5).

وقد احتجَّ ابنُ تيمية بكلامِ الإمامِ أحمدَ هذا على أنَّ القُرآن الذي هو كلامُ الله تعالى ليس مُجرَّدَ الحروف والأصواتِ، بل المعاني أيضاً، قال: " ولو كان القرآنُ اسماً لمُجرَّدِ الحروف والأصوات لم يصح ما ذكره الإمام أحمد من الحجة؛ فإنَّ خلقَ الحروف وحدَهَا لا يستلزم خلقَ العلم، وهكذا القائلونَ بخلق القرآن، إنَّمَا يقولون بخلق الحروف والأصواتِ في بعض الأجسامِ، لأن هذا هو عندَهم القرآنُ ليس العلم عندهم داخلاً في مُسمَّى القرآن " (6).

وقالَ: " وقال أحمد: " فيه أسماء الله وهو من علم الله " ولم يقل: " فيه علم الله "، لأنَّ كونَ أسماء الله في القرآن يعلمُهُ كلُّ أحد، ولا يمكنُ أحداً أن ينازعَ فيه، وأما اشتمالُ القرآن على العلمِ فهذا يُنازِعُ فيه:

1 - من يقولُ إنَّ القُرآن هو مُجرَّدُ الحروفِ والأصواتِ، فإن هؤلاء لا يجعلون القرآن فيه علمُ الله.

2 - بل والذين يقولون: الكلام معنىً قائمٌ بالذات: الخبرُ والطلب، وأنَّ معنى الخبر ليس هُوَ العلمُ ومعنى الطلب لا يتضمَّنُ الإرادةَ؛ ينازعِون في أنَّ مسمى القرآن يدخُلُ فيه العلمُ " (7).

وهذا الصنفُ الثاني هم الأشعريَّةُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير